أفرجت حركة حماس عن رهينتين إسرائيليتين جديدتين، في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بعد أيام من الإفراج عن أم وابنتها تحملان النوعية الأمريكية. ونشرت حماس مقطع فيديو لحظة تسليم الرهينتين المسنتين إلى ممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر. الرهينتان هما سيدتان، إحداهما تدعى يوشيفيد ليفشيتز، وظهرت في الفيديو تذكر اسمها وعمرها البالغ 85 عاما. ثم توجهت يوشيفيد إلى مسلح ملثم من حماس، وصافحته وقالت له "شالوم" أي سلام، ولا يزال زوج يوشيفيد، عوديد، البالغ من العمر 85 عاما أيضا، في الأسر لدى حماس. وكان عوديد يعمل ناشط سلام يُقال إنه قضى فترة تقاعده في نقل مرضى السرطان من غزة إلى المستشفى في إسرائيل لتلقي العلاج.
ما أبرز محطات الصراع بين حماس وإسرائيل؟
كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في أوجها عام 1987، عندما أسفرت جهود مجموعة من الشبان الفلسطينيين عن تأسيس حركة حماس. لم تبدأ الحركة عملياتها ضد القوات الإسرائيلية، للضفة الغربية وقطاع غزة إلا بعد عامين تقريبا، حيث شهدت أولى عملياتها التي استهدفت عسكريين إسرائيليين، خطف وقتل جنديين. بعد هذه العملية برز اسم الحركة على قائمة الجماعات التي تصنفها إسرائيل إرهابية، وتكررت المواجهات بين الجانبين.
استمر الأمر على هذا الشكل حتى تم توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 بين إسرائيل من جانب، والسلطة الفلسطينية من جانب آخر تحت زعامة ياسر عرفات. حماس من جانبها عارضت الاتفاق، وأعلنت استمرار عملياتها ضد القوات الإسرائيلية، وسرعان ما نفذت هجمات داخل إسرائيل ضمت تفجير حافلات وعدة هجمات بالسلاح الناري.
توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993
بُذلت محاولات عديدة لتسريع الانسحاب وإقامة سلطة الحكم الذاتي كما نص على ذلك اتفاقية أوسلو (بما في ذلك في اتفاقية طابا في عام 1995، واتفاقية وادي ريفير في عام 1998 واتفاقية شرم الشيخ في عام 1999). ثم سعى الرئيس الأمريكي بيل كلينتون حينها إلى معالجة ملفات الوضع النهائي بما في ذلك مشكلة الحدود ووضع القدس واللاجئين، التي لم تشملها اتفاقية أوسلو وتركتها ريثما تتم مفاوضات مستقبلية بين الطرفين.
جرت المفاوضات في يوليو/ تموز بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك، وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، لكنها لم تنته إلى اتفاق معين بالرغم من أنها تناولت قضايا تفصيلية أكثر من قبل. تمثلت المشكلة الأساسية في أن أقصى ما يمكن أن تقدمه إسرائيل يقل عن الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبل به الفلسطينيون.عرضت إسرائيل الانسحاب من قطاع غزة والتنازل عن أجزاء واسعة من الضفة الغربية، إضافة إلى منح أراض إضافية من صحراء النقب إلى الفلسطينيين على أن تحتفظ بالمستوطنات الرئيسية ومعظم أجزاء القدس الشرقية. اقترحت إسرائيل إشراف الفلسطينيين على الأماكن المقدسة في القدس القديمة والمساهمة في صندوق خاص باللاجئين الفلسطينين. من جهتهم يرغب الفلسطينيون في العودة إلى خطوط عام 1967 ومنح الإسرائيليين حق الوصول إلى الجزء اليهودي من القدس الشرقية كما يرغبون في الاعتراف "بحق العودة" بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين.
وأدى فشل محادثات كامب ديفيد، وزيارة أرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، التي وصفت بالاستفزازية للأقصى إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية. ونفذت حماس في تلك الفترة عدة عمليات مؤثرة ضد إسرائيل، بينها هجمات ضد محافل في نتانيا، وهجمات ضد ملاهٍ ليلية داخل إسرائيل، ما أدى لمقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين. وردت إسرائيل بغارات جوية على قطاع غزة، واغتيال القيادي في الحركة صلاح شحاده، كما حاصرت مقر عرفات في المقاطعة برام الله في الضفة الغربية.
وبعد نحو عامين أقدمت إسرائيل على اغتيال مؤسس حماس وقائدها الروحي الشيخ أحمد ياسين، رغم أنه كان قعيدا وقتها ولم يكن له أي دور تنظيمي أو تخطيطي. واستهدفت طائرة إسرائيلية سيارة الشيخ في قطاع غزة. وبعد ذلك بشهر واحد تقريبا اغتالت إسرائيل إسماعيل الرنتيسي، الذي تم اختياره قائدا للحركة في الداخل، الأمر الذي دفع الحركة للإبقاء على أسماء قيادييها سرا.
لم تتمكن إسرائيل من الاحتفاظ بقواتها في قطاع غزة بعد عام 2005، لذا سحبت قواتها بشكل كامل وأحادي الجانب من القطاع، وسحبت المستوطنين الذين كانوا يقيمون في مستوطنات قريبة. وفي العام التالي فازت حماس بغالبية الأصوات في الانتخابات التشريعية في القطاع، وهو الأمر الذي رفضته الولايات المتحدة، والسلطة الفلسطينية، وطالبتا الحركة بالتخلي عن المقاومة والاعتراف بإسرائيل.
هذا وأسرت حماس عام 2006، الجندي جلعاد شاليط، وأخفته أكثر من خمس سنوات، رغم المحاولات الإسرائيلية العثور عليه، وتوغلها داخل القطاع وخوض مواجهات شرسة ضد مقاتلي حماس، إلا أن شاليط ظل مخفيا حتى أفرجت عنه حماس ضمن صفقة لتبادل الأسرى عام 2011. عام 2008 شنت إسرائيل أول هجوم موسع على القطاع تحت قيادة حماس، بعدما أطلقت الحركة عشرات الصواريخ على مجمعات سكنية إسرائيلية قريبة، وأسفر ذلك عن مقتل 13 إسرائيليا، و1400 فلسطيني.
بدأت حماس تطور قدراتها الصاروخية، وتستخدمها كسلاح ردع ضد إسرائيل. وفي عام 2014، شنت إسرائيل عملية أخرى ضد القطاع وردت حماس بالصواريخ، واستمرت المواجهات سبعة أيام، وتسببت في مقتل 73 إسرائيليا بينهم 67 عسكريا، وأكثر من ألفي فلسطيني. وفي عام 2021، أصيب مئات الفلسطينيين في اشتباكات مع الجيش الإسرائيلي حول الأقصى، وردت حماس بإطلاق صواريخ على إسرائيل، التي شنت غارات جوية بدورها على القطاع.
حتى الآن تستمر حماس بإطلاق الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية، ما يغلق الحياة بشكل كامل خاصة في مدن الجنوب، وترد إسرائيل بعمليات قصف جوي، وأحيانا عمليات توغل بري محدودة.