خلال فترة الحرب العالمية الثانية، أصدر ستالين أوامره لعناصر مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بإعتقال وإعدام الجنود الهاربين من الجبهة. وانطلاقا من ذلك، وصف ستالين كل من يتخلى عن موقعه أمام التقدم الألماني بالخائن والجبان مؤكدا على ضرورة التخلص من هؤلاء العناصر لإعادة الانضباط لصفوف الجيش الأحمر. من جهة ثانية، لم يتردد الاتحاد السوفيتي في ملاحقة وإعدام جميع الأشخاص الذين اتهموا بالتعاون مع الألمان. وبحدث فريد من نوعه، اتهم أحد أحفاد القائد المغولي التاريخي جنكيز خان بخيانة الاتحاد السوفيتي بسبب تحالفه مع الألمان زمن الحرب. ومع وقوعه بالأسر، لم يتردد السوفييت في إعدام الأخير بموسكو.

مطلوب للعدالة
إلى ذلك، ينحدر سلطان كليش جيراي (Sultan Klych-Girey)، المولود يوم 15 آذار/مارس 1880 بالإمبراطورية الروسية، من سلالة جيراي التي يعود أصلها للابن الأكبر لجنكيز خان المعروف بجوجي خان. وعقب تلقيه لدراسته بالعاصمة سانت بطرسبرغ، التحق سلطان كليش جيراي بإحدى مدارس فرق الفرسان الروسية وتخرج منها عام 1901. وعام 1905، شارك سلطان في قمع الثورة التي قامت ضد نظام القيصر كما التحق بفيلق الخيالة القوقازي وشارك بالحرب العالمية الأولى حين عانى من المرض النفسي المعروف برهاب القصف، أو كما يعرف أيضا بصدمة القصف، ونال رتبة كولونيل. ومع نجاح الثورة البلشفية، قاتل سلطان لصالح الأبيض ووقف في وجه البلشفيين بالجنوب الروسي. ومع هزيمة الجيش الأبيض، أجبر الأخير على مغادرة البلاد. وبالمنفى، شارك سلطان بالعديد من الجمعيات التي ناضلت ضد النظام السوفيتي وطالبت باستقلال القوقاز. وبسبب ذلك، تحول حفيد جنكيز لواحد من أبرز المطلوبين للعدالة بالاتحاد السوفيتي.

خيانة وإعدام
مع بداية الاجتياح الألماني للأراضي السوفيتية يوم 22 حزيران/يونيو 1941، لم يتردد سلطان كليش جيراي في الالتحاق بالألمان والتحالف مع النازيين أملا في تحقيق حلم استقلال القوقاز. وفي البداية، كلّف سلطان بمهمة دمغجة وانتداب الأسرى السوفييت المنحدرين من القوقاز للقتال لصالح الألمان. ومع تقدم القوات الألمانية نحو القوقاز صيف العام 1942، كلف حفيد جنكيز خان بمهمة إدارة شؤون قسم من هذه المناطق. وحسب العديد من المصادر، نشط سلطان في مجال انتداب مقاتلين لتكوين جيش تحرير القوقاز للقتال ضد السوفييت.

عقب هزيمة ستالينغراد، باشر الجيش الألماني تراجعه لينسحب بذلك من قسم كبير من الأراضي السوفيتية التي سيطر عليها قبل أشهر. ومع نهاية الحرب على الساحة الأوروبية وهزيمة الألمان، أقدمت لندن على تسليم عشرات الآلاف من الأسرى، المنتمين لفرق القوزاق الروسية التي قاتلت لجانب هتلر بالحرب، للجانب السوفيتي. إلى ذلك، تواجد سلطان كليش جيراي من ضمن هؤلاء الأسرى. وعقب التعرف على هويته، نقل الأخير على جناح السرعة نحو موسكو حيث حوكم بتهمة الخيانة العظمى والتآمر على الدولة ليعدم على إثر ذلك شنقا يوم 17 يناير 1947.