يوم 22 يونيو 1941، باشرت القوات الألمانية تدخلها بشكل مفاجئ في الأراضي السوفيتية معلنة بذلك فتح جبهة أخرى بالشرق. وعقب هذا الهجوم، تنكر الألمان لمعاهدة عدم الاعتداء الموقعة في وقت سابق من العام 1939 مع الجانب السوفيتي. وخلال الأسابيع الأولى من الحرب، حقق الجيش الألماني تقدماً سريعاً تمكن خلاله من التوغل بعمق أراضي الاتحاد السوفيتي الذي خسر مئات الآلاف من جنوده بين قتلى وجرحى وأسرى. وبحلول أكتوبر 1941، اقترب الألمان بشكل كبير من العاصمة موسكو التي استعد سكانها لتدخل ألماني محتمل بمدينتهم.
سوء تقدير سوفيتي
منذ الأيام الأولى لأكتوبر 1941، استعد الجيش الألماني لإطلاق عملية تايفون (Typhoon) التي كانت عبارة عن هجوم شامل لقوات تواجدت على بعد مئات الكيلومترات من موسكو. ولإنجاح هذه العملية، جمع الألمان حوالي 1.8 مليون عسكري، ما يقدر بنصف قواتهم بالجبهة الشرقية، مدعومين بنحو 1700 دبابة و1400 طائرة حربية. وما بين مواقع الألمان وموسكو، حشد الاتحاد السوفيتي ما لا يقل عن 1.2 مليون جندي إضافة لأكثر من ألف دبابة و1370 طائرة حربية. وبسبب التقدم الألماني السريع، لم يتمكن الجيش الأحمر السوفيتي من إعداد دفاعات صلبة قادرة على حماية موسكو بشكل ملائم. يوم 1 أكتوبر 1941، باشرت قوات الجنرال الألماني هانز غودريان (Heinz Guderian) بمهاجمة الدفاعات السوفيتية على جبهة بريانسك (Bryansk) وفي اليوم التالي، باشرت قوات جيش الوسط هجومها على قوات جبهة الاحتياط وجبهة الغرب. في الأثناء، مثل هذا الهجوم الألماني تقدماً مباغتاً للقيادة السوفيتية التي توقعت هجوماً خاطفاً على الجبهة الرابطة بين موسكو ومنسك (Minsk) بسبب قرب هذه الجبهة من العاصمة السوفيتية. وبسبب سوء التنسيق بين القيادة العسكرية السوفيتية وبقية هياكل الجيش، فشل المسؤولون في تقدير حجم الهجوم الألماني ومعاناة جنود الجيش الأحمر على الجبهة.
600 ألف ضحية
ما بين 5 و6 أكتوبر 1941، أدركت القيادة العسكرية السوفيتية خطورة الوضع على الجبهة. ولهذا السبب، تلقت قوات الجيش الأحمر أوامر بالانسحاب والتراجع نحو خط دفاعي جديد. في الأثناء، صدر القرار السوفيتي بشكل متأخر. فبتلك الفترة، تمكنت قوات جيش المدرعات السابع وفيلق المشاة الثاني الألمانيان من محاصرة القوات السوفيتية عند مناطق بريانسك وكاراشيف (Karachev). وعلى إثر ذلك، انهارت جبهة بريانسك السوفيتية. وعند مدينة فيازما (Vyazma) يوم 7 أكتوبر 1941، حوصرت قوات الجبهتين الغربية والاحتياطية.
بالأيام التالية، حاولت بعض الكتائب السوفيتية كسر الحصار المفروض عليها. فيما خسر السوفيت نحو 90% من قواتهم بهذه العمليات. وحسب بعض التقارير، تجاوز عدد القتلى والجرحى والأسرى السوفيت 600 ألف عسكري. وأمام هذه الخسائر الجسيمة، استدعى القائد السوفيتي جوزيف ستالين المارشال جيورجي جوكوف (Georgy Zhukov) ووفر له مزيداً من القوات الاحتياطية التي جيء بها من شرق البلاد. وبالتزامن مع ذلك، حصل جوكوف على أوامر بإعادة تنظيم الخطوط الدفاعية لحماية موسكو.