مسلسلات رمضان 2024
يوم احترق قلب بروكسل النابض.. وتفحم المئات
29/09/2023

خلال القرن الماضي، عاشت عدد من الدول على وقع حرائق هائلة دمرت العديد من المباني وأسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. فبالبرازيل سنة 1974، أسفر حريق مبنى جولما (Joelma) عن مقتل نحو 189 شخصاً. كما أودى حريق نزل تايونغاك (Taeyongak) بكوريا الجنوبية عام 1971، بحياة 163 شخصاً. وبأتلانتا الأميركية سنة 1946، أزهق حريق نزل واينكوف (Winecoff) أرواح 119 شخصاً وصنف كأسوأ حرائق الفنادق بتاريخ الولايات المتحدة. وأما في الجهة المقابلة من المحيط الأطلسي، عاشت بلجيكا عام 1967 على وقع حريق مغازة التجزئة إينوفايشن (Innovation) بقلب العاصمة بروكسل، ألحق أضراراً جسيمة في الأملاك وأسفر عن سقوط مئات القتلى.

 يوم احترق قلب بروكسل النابض.. وتفحم المئات صورة رقم 1

قلب بروكسل النابض
تواجدت مغازة إينوفايشن ضمن أحد أهم الأحياء الاقتصادية والتجارية في بروكسل حيث حظيت بمكانة هامة بشارع نوف (Neuve) الذي وصفه كثيرون حينها بقلب بروكسل النابض بسبب تواجد عدد كبير من المحلات التجارية به. فعلى مدار السنين، نمت مغازة إينوفايشن بشكل لافت للانتباه حيث توسعت لتضم العديد من المباني المجاورة لها. وبأوجها، تكونت من 5 طوابق وامتدت على مساحة اجمالية قدرت بحوالي 240 ألف متر مربع خصصت 8 آلاف متر مربع منها لتخزين السلع والبضائع.

 يوم احترق قلب بروكسل النابض.. وتفحم المئات صورة رقم 2

وخلال الفترة التي صادفت اندلاع الحريق بها، صنفت إينوفايشن كأكبر مغازات بلجيكا حيث حققت حينها مداخيل يومية بلغت نحو 30 مليون فرنك بلجيكي. من جهة ثانية، احتوت على العديد من السلع المنزلية والثياب الراقية. وبفضل ذلك، وصفها كثيرون بمعبد الموضة وقصر ربات المنازل وبازار الثياب والمواد الراقية عالية الجودة.

 يوم احترق قلب بروكسل النابض.. وتفحم المئات صورة رقم 3

325 قتيلاً
بداية من يوم 5 مايو 1967، احتضنت إينوفايشن معرضاً للمواد الأميركية، ضم حينها بناطل دجينز (Jeans) ومواد مخصصة للمشاوي إضافة لألعاب ودمى. وخلال المعرض، احتج أمام المغازة العديد من المعارضين المؤيدين للصين الذين عارضوا حرب فيتنام وتحدثوا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها. في حدود الساعة الواحدة والنصف مساء يوم 22 مايو 1967، اندلعت ألسنة اللهب بشكل مفاجئ في إينوفايشن. وبشكل سريع، توسعت النيران لتلتهم أجزاء واسعة من المغازة. وأمام صعوبة مغادرة المبنى بسبب الدخان الكثيف، لم يتردد العديد من الزوار، المقدر عددهم حينها بنحو ألف شخص، في القفز من النوافذ. من جهة ثانية، افتقر مبنى مغارة إينوفايشن لتقنيات مواجهة الحرائق. وبسبب ذلك، تعقدت مهمة رجال الإطفاء الذين حلوا على عين المكان. وبسبب هذه العوامل، تعطلت جهود الإنقاذ واخماد الحريق، ما أدى لارتفاع حصيلة الضحايا.

 يوم احترق قلب بروكسل النابض.. وتفحم المئات صورة رقم 4

وأسفرت كارثة مغازة إينوفايشن عن مقتل 325 شخصاً وإصابة 80 آخرين. وفي الأيام التالية، فشل المحققون في تحديد سبب واضح لاندلاع الحريق. فبينما تحدث البعض عن اندلاع النيران بجناح ملابس الأطفال في الطابق الأول، أكد آخرون على بداية الحريق عقب انفجار قوارير غاز بقسم المواد المخصصة للمشاوي بالطابق الثالث. ودون أدلة واضحة، وجه عدد من الحاضرين أصابع الاتهام للمحتجين الماويين، المؤيدين للصين، الرافضين لحرب فيتنام واتهموهم بتعمد إضرام النيران بالمبنى. فيما نظمت مراسم جنائزية كبيرة لضحايا الحريق يوم 30 مايو 1967. وحظر الملك البلجيكي بودوان الأول (Baudouin) هذه المراسم الجنائزية وطالب بالكشف عن حقيقة وأسباب اندلاع الحريق الذي وصف كواحد من أسوأ حرائق المباني في القرن العشرين.