عقب حصولها على استقلالها، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية لتشييد العديد من المشاريع العملاقة التي ساهمت في تقدم البلاد اقتصاديا وصناعيا، ومن ضمن هذه المشاريع، يذكر التاريخ السكة الحديدية الممتدة عبر القارة التي بلغ طولها حوالي 3600 كلم وامتدت عبر غربي البلاد، انطلاقا من شواطئ سان فرانسيسكو، لتتصل بشبكة السكك الحديدية الشرقية بحلول أواخر ستينيات القرن التاسع عشر.
صورة لسد هوفر
وإضافة لمشروع السكة الحديديةـ، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية عقب الحرب العالمية الأولى في بعث مشروع آخر لتطوير المناطق الغربية من البلاد. وانطلاقا من ذلك، ظهر مشروع سد هوفر (Hoover Dam) الذي تقرر تشييده ما بين ولايتي نيفادا وأريزونا.
صورة معاصرة لسد هوفر
مشروع السد
مع بداية القرن العشرين، حاول الفلاحون الأميركيون تغيير مجرى نهر كولورادو، عبر مجموعة من القنوات المائية، نحو مناطق نائية بالجنوب الغربي من البلاد. ومع بلوغهم بحيرة سالتون (Salton) بجنوب كاليفورنيا، لم يتمكن الفلاحون المحليون من التحكم بمجرى كولورادو الذي تسبب فيضانه بالعديد من الكوارث بالمنطقة. وبسبب ذلك، أوكلت مهمة التحكم بنهر الكولورادو لمكتب الاستصلاح الأميركي (Bureau of Reclamation) الذي خطط لإنشاء مشروع عملاق لتنمية المنطقة وتحديثها اعتمادا على هذا النهر.
صورة للرئيس هوفر
بحلول العام 1922، اقترح رئيس مكتب الاستصلاح الأميركي آرثر باول ديفيس (Arthur Powell Davis) على الكونغرس خطة لإنشاء سد عملاق ببلاك كانيون (Black Canyon) على الحدود بين ولايتي نيفادا وأريزونا. وحسب ما جاء ديفيس، سيتمكن الأميركيون بفضل هذا السد من التحكم بالفيضانات وعمليات الري بالمنطقة. فضلا عن ذلك، سيسمح هذا السد المقترح بتوليد كميات هائلة من الطاقة الكهرومائية، وهو ما سيوفر عائدات مالية هامة للخزانة الأميركية. إلى ذلك، أثار مشروع السد عقب عرضه أمام الكونغرس ردود فعل متباينة. فبينما استحسنته الأغلبية، تشاءم آخرون من تكلفته التي قيل إنها قد تتجاوز 165 مليون دولار.
سد هوفر عام 1941
تطور الغرب الأميركي
خلال العام 1922، ناقش وزير التجارة، والرئيس المستقبلي، هربرت هوفر (Herbert Hoover) مشروع السد مع العديد من المختصين وتعهد بتقسيم مياه نهر كولورادو على جميع الولايات التي يمر منها. إلى ذلك، تواصل الخلاف حول هذا السد لحدود العام 1928. وبتلك السنة، أعطى الرئيس كالفين كوليدج (Calvin Coolidge) الضوء الأخضر لبدء تشييد السد الذي سمي لاحقا بسد هوفر نسبة لهربرت هوفر الذي عمل لفترة طويلة على دراسته وإنجاحه.
صورة من لاس فيغاس بولاية نيفادا
في خضم فترة الكساد العظيم، عبر عدد كبير من العمال والعاطلين عن العمل الأميركيين المناطق الصحراوية الوعرة لبلوغ لاس فيغاس أملا في الحصول على وظيفة بمشروع سد هوفر.
وفي الأثناء، أوكلت السلطات مهمة تشييد السد لمؤسسة الشركات الست (Six Companies) التي مثلت تجمعا لعدد من مؤسسات البناء. من جهة ثانية، أشرف على عمليات البناء عدد من المهندسين المعماريين كان أبرزهم غوردون كوفمان (Gordon Kaufmann).
صورة للمهندس كوفمان
طيلة السنوات التالية، تابع كوفمان تطور مشروع السد الذي تسبب في وفاة العديد من العمال بسبب ظروف العمل القاسية. وعام 1935، أشرف الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت على حفل حضره 20 ألف شخص، لتخليد نهاية الأشغال.
صورة لبحيرة سالتون
مثّل سد هوفر أكبر سدود العالم بتلك الفترة حيث بلغ ارتفاعه 221.4 متر، بينما قدر طوله بحوالي 379 مترا. وبفضل هذه الخاصيات، صنّف سد هوفر كواحد من أعظم المشاريع بالتاريخ الأميركي حيث كان الأخير قادرا على توفير مياه السقي لنحو مليوني فدان من الأراضي، كما وفرت تربيناته الـ17 الكهرباء لحوالي 1.3 مليون منزل. وبالفترة التالية، ساهم سد هوفر في تطور وتقدم العديد من مدن الغرب الأميركي كلاس فيغاس ولوس أنجلوس التي كانت في السابق مدنا عادية وغير معروفة.