بأراضيها الممتدة على مساحة تتجاوز 3.2 مليون كلم مربع، تحتضن الهند العديد من الأديان والطوائف، وإضافة للأغلبية الهندوسية، تتواجد بالهند أقليات من أتباع البوذية والإسلام والمسيحية والسيخية. ومنذ تقسيم الهند عقب الاستقلال وظهور باكستان على الخارطة، تحدثت هذه الأقليات عن تعرضها للتهميش والمعاملة القاسية حيث لم تتردد السلطات الهندية بأكثر من مرة للجوء للعنف لقمع تحركات هذه الأقليات الدينية.
صورة ملونة لأنديرا غاندي
وخلال العام 1984، عاشت الهند على وقع تصاعد لوتيرة العنف عقب عملية النجم الأزرق التي شنها الجيش الهندي ضد معبد هارمندير صاحب، المعروف أيضا بالمعبد الذهبي، السيخي بالبنجاب. وقد أسفرت هذه العملية العسكرية حينها عن تزايد حدة الكراهية بين السيخ والهندوس وانتهت باغتيال رئيسة الوزراء أنديرا غاندي.
صورة للمعبد الذهبي
عملية النجم الأزرق
ما بين يومي 1 و8 حزيران/يونيو 1984، باشر الجيش الهندي هجومه على المعبد الذهبي، بمنطقة أمريتسار (Amritsar) بالبنجاب، بأوامر من رئيسة الوزراء أنديرا غاندي التي سعت من خلال هذه العملية العسكرية لطرد القائد السيخي جارنيل سينغ بهندرانويل (Jarnail Singh Bhindranwale) من المعبد والبنايات المحيطة به.
وفي خضم هذا الهجوم، الذي عرف بعملية النجم الأزرق، قتل 83 جنديا هنديا وأصيب 700 آخرون، وفي المقابل، قتل المئات من أنصار جارنيل سينغ بهندرانويل، الذي قتل بدوره خلال الهجوم، والحجاج السيخيين.
أنديرا غاندي خلال زيارة قامت بها للولايات المتحدة الأمريكية
وبالفترة التالية، تعرضت حكومة أنديرا غاندي لانتقادات عديدة حيث اتهمت الأخيرة بتدنيس معبد مقدس لدى أتباع الديانة السيخية وإزهاق الأرواح بداخله، أيضا، تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن سوء إدارة الجيش الهندي للعملية العسكرية، ففي خضم الهجوم، تعرض المعبد الذهبي، الذي يعود تاريخ بنائه للقرن السادس عشر والمصنف ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو، لأضرار جسيمة.
وعقب هذه العملية العسكرية ضد المعبد الذهبي، اتجهت المخابرات الهندية لإبعاد أتباع الديانة السيخية من قائمة الحراس الشخصيين لأنديرا غاندي التي تلقت تهديدات بالقتل. إلى ذلك، رفضت أنديرا غاندي هذا الإجراء معتبرة إياه قرارا معاديا للسيخ ومؤكدة على وحدة الشعب الهندي بمختلف دياناته وطوائفه. وبالفترة التالية، تراجع الجهاز الأمني عن هذا الإجراء ووافق على إعادة استدعاء الحراس الشخصيين السيخ لأنديرا غاندي.
صورة لأنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند
اغتيال أنديرا غاندي
في حدود الساعة التاسعة وعشرين دقيقة صباح يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر 1984، كانت أنديرا غاندي في طريقها للقاء الممثل والمخرج البريطاني بيتر أوتسينوف (Peter Ustinov)، بنيو دلهي، الذي كان بصدد إعداد فيلم وثائقي لصالح إحدى القنوات الأيرلندية.
ومع دخولها المبنى الذي تواجد بداخله المخرج أوتسينوف، تعرضت أنديرا غاندي لإطلاق نار حيث وجّه لها بينت سينغ (Beant Singh)، أحد حراسها الشخصيين المنتمين للسيخ، 3 رصاصات، عيار 9.7 ملم، من مسدسه استقرت ببطنها. ومع سقوطها على الأرض من شدة الألم، تعرضت أنديرا غاندي لإطلاق نار ثان حيث وجّه لها حارسها الشخصي الآخر، المنتمي أيضا للسيخ، ستوانت سينغ (Satwant Singh) 30 رصاصة من رشاشة ستيرلينغ (Sterling) عيار 9 ملم.
جانب من عملية حرق جثة أنديرا غاندي
على جناح السرعة، نقلت أنديرا غاندي نحو معهد العلوم الطبية بنيودلهي أين خضعت لعملية جراحية عاجلة. وفي حدود الساعة الثانية وعشرين دقيقة مساء، أعلن رسميا عن وفاة أنديرا غاندي. وحسب تقرير الطب الشرعي، تعرضت الأخيرة لنحو 33 رصاصة اخترقت 30 منها جسمها.
خلال الدقائق التي تلت عملية الاغتيال، تمكن رجال الأمن الهنديون من قتل بينت سينغ. وفي المقابل، اعتقل ستوانت سينغ وحوكم قبل أن يعدم شنقا، رفقة أحد مساعديه، عام 1989. حظيت أنديرا غاندي بجنازة وطنية رسمية حضرها مسؤولون بارزون من العديد من الدول، وفي الأثناء، تعاطفت باكستان مع جارتها الهند، على الرغم من حالة العداء بين الطرفين، وأعلنت الحداد 3 أيام.