في خضم الحرب الباردة، عاش العالم ما بين عامي 1950 و1953 على وقع أحداث الحرب الكورية التي اندلعت عقب قيام كوريا الشمالية باجتياح جارتها الجنوبية الحليفة للغرب. وفي الأثناء، أسفرت هذه الحرب عن مقتل ملايين الأشخاص كما انتهت باتفاقية وقف إطلاق نار أعادت الدولتين لحدودهما ما قبل الحرب وخلقت بينهما منطقة عازلة. وبالسنوات التالية، تصاعدت حدة التوتر بأكثر من مناسبة بين الكوريتين تزامناً مع تزايد المخاوف من إمكانية عودة العمليات القتالية بين الطرفين. وبسبب الدعم الأميركي الهائل لكوريا الجنوبية، حاولت كوريا الشمالية التقرب من الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية، أملا في تعديل موازين القوى بشبه الجزيرة الكورية.
علاقات صينية كورية شمالية جيدة
عقب انقلاب 16 أيار/مايو 1961 وحصول بارك تشونغ هي (Park Chung Hee) على مقاليد السلطة بكوريا الجنوبية، اتجهت سيول، بدعم أميركي، لزيادة إنفاقها العسكري وعمدت في الآن ذاته لتصعيد لهجتها مع بيونغ يانغ. وخوفا من غزو كوري جنوبي – أميركي لأراضيها، سعت كوريا الشمالية لعقد تحالفات مع كل من الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية، أملا في الحصول على دعمهما في حال تجدد المعارك بشبه الجزيرة الكورية.
خلال زيارة قام بها لموسكو، وقّع الزعيم الكوري الشمالي كيم إل سونغ (Kim Il Sung) رفقة نظيره السوفيتي نيكيتا خروتشوف يوم 6 تموز/يوليو 1961 معاهدة الصداقة والتعاون المتبادل بين كوريا الشمالية والاتحاد السوفيتي. وبعدها بأيام قليلة، توجه كيم إل سونغ نحو الصين الشعبية وحلّ ببكين، حيث التقى بالزعيم الصيني ماو تسي تونغ. وعلى الرغم من سياسة القطيعة القائمة بين الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية بتلك الفترة، رحّب ماو تسي تونغ بنظيره الكوري الشمالي، مؤكدا على العلاقات الجيدة بين الطرفين. ففي خضم الحرب الكورية ما بين عامي 1950 و1953، كانت الصين الشعبية قد أرسلت حوالي 200 ألف متطوع لدعم بيونغ يانغ ضد قوات كوريا الجنوبية والتحالف الغربي الذي تزعّمته الولايات المتحدة الأميركية.
معاهدة صينية كورية شمالية
يوم 11 تموز/يوليو 1961، وقّع كيم إل سونغ رفقة الوزير الصيني تشو إنلاي (Zhou Enlai) على معاهدة الصداقة والتعاون المتبادل بين كوريا الشمالية وجمهورية الصين الشعبية. وبشكل عام، عززت هذه المعاهدة التعاون في مجالات الثقافة والاقتصاد والتكنولوجيا بين الدولتين. فضلا عن ذلك، أكدت هذه المعاهدة على ضرورة اتخاذ البلدين للإجراءات اللازمة لمواجهة أي هجوم قد تشنه دولة ثالثة، أو تحالف، على إحداهما. وحسب البند السابع، تظل هذه الاتفاقية قائمة بين الدولتين لحين التوصل لاتفاق بين بكين وبيونغ يانغ حول موضوع تعديلها، وإجهاضها أو إلغائها. مع انهيار الاتحاد السوفيتي بالتسعينيات، عرف الاتفاق السوفيتي الكوري الشمالي نهايته. وفي المقابل، ظلت الاتفاقية الكورية الشمالية الصينية صامدة وجددت بشكل تلقائي كل 20 سنة. وخلال العام 2021، تحدثت الصين الشعبية عن أهمية هذه المعاهدة، ذات الستين عاما، مؤكدة على ضرورة تجديدها.
نننن