بالقرن الماضي، اتجه العديد من القادة للاعتماد على القطارات المدرعة والمحمية بشكل جيد في تنقلاتهم حيث تخوّف هؤلاء من عمليات الاغتيال والهجمات المحتملة التي قد تطالهم في حال اعتمادهم لوسائل نقل أخرى. وإضافة لجوزيف ستالين الذي لم يسافر سوى مرات قليلة خارج حدود الاتحاد السوفيتي، لم يتردد أدولف هتلر في اعتماد قطار مدرع بتنقلاته. وعلى الرغم من اعتماده للطائرة أحيانا في تنقلاته البعيدة، حبّذ أدولف هتلر استخدام قطاره المدرع فوهررسونديرزوج (Führersonderzug) بفضل الحماية الجيدة والرفاهية التي وفرتها عرباته.
بداية استخدام القطار
استمر العمل على تطوير قطار أدولف هتلر، المعروف بفوهررسونديرزوج، ما بين عامي 1937 و1939. إلى ذلك، صنع هذا القطار من الصلب وقد تكفلت بمهمة إعداده وصنعه مؤسسات هاينشل (Henschel) وكراوسمافي (KraussMaffei) ودوشته رايخباهن (Deutsche Reichsbahn) التي مثلت حينها مؤسسة السكك الحديدية الألمانية. وقد اتجه أدولف هتلر لاستخدام قطاره، الذي قدر وزنه بنحو 1200 طنا، لأول مرة خلال شهر يناير 1939. وبعد بضعة أشهر، لقب الألمان قطار أدولف هتلر بمقر الفوهرر، أي مقر أدولف هتلر، كما منحوه لاحقا الاسم الرمزي "أميركا". وبحلول شباط/فبراير 1943، حصل هذا القطار على اسم جديد وعرف بين مساعدي أدولف هتلر باسم براندنبرغ (Brandenberg).
وفي خضم الحرب العالمية الثانية، اعتمد أدولف هتلر على هذا القطار للتنقل بين مختلف جبهات القتال بكل من بولندا وفرنسا والاتحاد السوفيتي وإيطاليا. وعقب كل رحلة، يقدم العاملون بالقطار على حرق جميع الوثائق للحفاظ على سرية المعلومات ومحادثات هتلر وتجنب وقوعها بقبضة الحلفاء. ولاستخدام الفوهررسونديرزوج، توجب على هتلر اطلاع فريق العمل مسبقا برحلته حيث استغرقت عملية إعداد القطار وإخراجه من المستودع ساعتين. فضلا عن ذلك، أرسلت فرق مختصة لتفقد السكك الحديدية التي كان من المقرر أن يمر فوقها القطار للتثبت من سلامتها وعدم وجود متفجرات أو ألغام مزروعة بها. أثناء رحلاته الطويلة على متن القطار، اعتمد هتلر إجراءات روتينية اتجه من خلالها للاجتماع مع مساعديه والإشراف على عمل المسؤولين بالقطار. فضلا عن ذلك، لم يتردد القائد النازي في معاقبة كل من يدخن داخل الفوهررسونديرزوج. وأثناء توقفه بعدد المحطات، عمد هتلر أحيانا للظهور من نافذة غرفته بالقطار لتحية الألمان الذين تجمهروا لرؤيته.
تدمير القطار
إلى ذلك، تكون قطار أدولف هتلر من ما بين 10 و16 عربة وقد تراوح طوله بين 300 و430 مترا بينما قدّر وزنه بنحو 1200 طن وهو ما خوّل له ذلك بلوغ سرعة قصوى تراوحت بين 80 و120 كلم بالساعة. وقد ضم هذا القطار عربتين قاطرتين وعربة مصفحة مجهزة بأسلحة مضادة للطائرات وعرب أمتعة وعربة خاصة بهتلر وأخرى مخصصة للاجتماعات والمؤتمرات. أيضا، ضم القطار عربة خصصت لفرق الأمن الشخصي وعربتين للضيوف إضافة لمطبخ وقاعة عشاء وعربتين خصصتا للعاملين بالقطار. كما احتوى الفوهررسونديرزوج على عربة إضافة خاصة بالصحافيين. استخدم هتلر قطاره المدرع طيلة سنوات الحرب قبل أن يتجه للتخلص منه أواخر الحرب. فيوم 27 نيسان/أبريل 1945، كلّف أدولف هتلر كبير مساعديه يوليوس شواب (Julius Schaub) بمهمة تفجير القطار وتدميره لتجنب وقوعه بقبضة السوفيت.