بالرغم من أن الأمان أمر نسبي وغير مضمون في مختلف دول العالم تقريباً، إذ قد تحدث الحوادث والكوارث المؤسفة من دون تمهيد أو مقدمات، لكن في بعض دول العالم الأقل حظاً، تتدنى مستويات الأمان إلى أكثر درجة ممكنة، ما يجعلها تحتل مراتب متقدمة في قوائم المناطق الأخطر على حياة الإنسان ورفاهيته وجودة حياته وتقدمه بشكل عام.
وعندما يتعلق الأمر بتحديد أخطر دولة في العالم، فإن أحد المصادر التي تحظى بتقدير كبير ويتم اعتبارها مصدراً موثوقاً ومعتمداً للتصنيف هو معهد الاقتصاد والسلام (IEP) العالمي. وهو مركز أبحاث دولي غير حزبي ومقره في سيدني، بأستراليا، ويركز في تصنيفه على السلام كإجراء إيجابي وقابل للتحقيق وملموس أثره على حياة الإنسان.
ويعتمد هذا التقييم على تحليل بيانات 23 مؤشراً أساسياً بدءاً من معدلات جرائم القتل والجرائم العنيفة والإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والمظاهرات العنيفة وواردات الأسلحة للدولة. كل هذه المعلومات تذهب إلى تجميع مؤشر السلام العالمي السنوي، الذي يصنف البلدان على مدى سلميتها أو مدى خطورتها.
تصنيف معدل السلام العالمي لعام 2023
في تقرير مؤشر السلام العالمي لعام 2023 (Global Peace Index) الصادر عن معهد التعليم الدولي، خلصت المنظمة إلى أن العالم أصبح أقل سلاماً بشكل عام من إجمالي 163 دولة، مع تحسن معدلات السلام والأمن في 84 منها، وتدهورها في 79 دولة أخرى، بانخفاضات أكثر حدة بشكل إجمالي عن السنوات الماضية. وفي حين أن التصنيف المنخفض في المؤشر لا يعني بشكل مباشر خطر العنف، فإن التصنيف بين الدول العشر الأخطر حول العالم يعني تقريباً أن الدولة متورطة في صراع مستمر، أو لديها مستويات عالية من العنف أو أنها عسكرية للغاية.
1- أفغانستان: أفغانستان هي أخطر دولة في العالم بسبب الصراع المستمر وعدم الاستقرار الذي تشهده البلاد في السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ العام 2021. حيث تستمر الحرب في البلاد منذ أكثر من 20 عاماً، ونتيجة لذلك، تمتلك أفغانستان أدنى مؤشر للتنمية البشرية في العالم على الإطلاق. ويُعد سكان البلاد معرضين للخطر، لأن أفغانستان تعاني من مستويات عالية من العنف، وحكومة فاسدة تدير البلاد، ومن الصعب الحصول على الخدمات الأساسية. إضافة لما سبق، تمتلك البلاد مستوى ضعيفاً من تطوير البنية التحتية.
2- اليمن: يُعد اليمن هو ثاني أخطر دولة في العالم. فمنذ عام 2015، هناك حرب أهلية مستمرة في البلاد قُتل على إثرها عشرات الآلاف من الأشخاص خلال الصراع، ونزح أكثر من مليونَي مواطن يمني قسراً. إضافة لذلك، تتفشى المجاعة في البلاد وتسبب معدلات وفاة عالية، خاصة بين الأطفال، وأنظمة التعليم والرعاية الصحية تكاد تكون معدومة. وقد اكتسبت الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش موطئ قدم في البلاد؛ ما يجعلها منطقة غير آمنة على الإطلاق للسكان المدنيين.
3- سوريا: منذ عام 2011، تدور حرب مدمرة في سوريا تجاوز عدد قتلاها 250 ألف شخص، وتسببت في نزوح أكثر من 7.6 مليون شخص داخلياً. نتيجة لذلك تدمرت البنية التحتية في البلاد، والنظام الصحي والتعليمي يكاد يكون في حالة خراب مستمر وتدهور متزايد.
4- روسيا: ارتفاع مستوى جرائم القتل وزيادة عدم الاستقرار السياسي للبلاد ساهم في ارتفاع درجة الخطر في روسيا ودفعها لمقدمة تصنيفات الدول الأكثر خطورة في العالم. وتشهد البلاد ارتفاع معدل جرائم القتل مقارنة بالدول الأخرى، فهناك حوالي 9.5 جريمة قتل لكل 100 ألف شخص. والأسباب الرئيسية لذلك هي ارتفاع مستوى الفقر، وعدم المساواة الاجتماعية في روسيا، وغياب سيادة القانون، وانتشار الفساد. وتواجه روسيا أيضاً عدم استقرار سياسي متزايد واحتجاجات وحركات معارضة، مما قد يؤدي إلى زيادة العنف والاضطرابات المدنية في المستقبل.
5- جنوب السودان: خامس أخطر دولة في العالم هي جنوب السودان. ومنذ أن حصلت البلاد على استقلالها عن السودان في عام 2011، اندلعت حرب أهلية، مع ارتفاع مستوى العنف. وخلال الصراع، مات 400 ألف شخص، وأصبح أكثر من مليونَي شخص لاجئين. هناك أيضاً العديد من الجماعات المسلحة في الدولة، مع إهمال البنية التحتية للبلاد، ولا يتم توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية.
6- جمهورية الكونغو: لسنوات عديدة، يستمر النزاع المسلح في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكل عام يزداد الوضع سوءاً. وبحسب تصنيف السلام العالمي، فالوضع السياسي غير مستقر للغاية، والجماعات الإرهابية منتشرة في جميع أنحاء البلاد. وتعد جمهورية الكونغو الديمقراطية مكاناً خطيراً للعيش فيه ومن المرجح أن تظل واحدة من أخطر البلدان في العالم لسنوات عديدة قادمة.
7- العراق: أدت آثار حرب العراق، فضلاً عن الصراع الداخلي السياسي الدائر في البلاد خلال العقدين الماضيين، إلى نزوح ملايين الأشخاص، وقتل آلاف المدنيين، وتسببت التداعيات في معاناة إنسانية هائلة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الحكومة العراقية واحدة من أكثر الحكومات فساداً في العالم، مما يساهم بشكل أكبر في عدم الاستقرار للبلاد.
8- الصومال: في السنوات الأخيرة، واجه الصومال عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن والفقر. وتعاني البلاد من وضع إنساني صعب، حيث يحتاج أكثر من 6 ملايين شخص إلى المساعدة. وتشن الجماعات الإرهابية هجمات منتظمة على السكان المدنيين.
9- السودان: تدور الحرب الأهلية في السودان منذ عام 1983 وقد أودت بحياة أكثر من مليونَي شخص الناس. كما تتهم حكومة البلاد بارتكاب جرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور، مما أدى إلى نزوح ملايين الأشخاص. وأخيراً في أبريل/نيسان 2023، اندلع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. ووفقاً للأمم المتحدة، تسببت الحرب الأهلية في السودان في مغادرة مليون شخص للبلاد، مع نزوح ملايين آخرين داخل السودان. وقد أدى الصراع الداخلي إلى نقص الغذاء وزيادة بنسبة 50% في تقارير الاعتداء الحميمي، وفقاً للأمم المتحدة. وحتى قبل الاضطرابات المدنية، كان الصراع في تصاعد في السودان، الذي خسر 39.7% من ناتجه المحلي الإجمالي بسبب العنف في عام 2022.
10- أوكرانيا: سبب تصنيف أوكرانيا ضمن أخطر دول العالم هو الغزو الروسي الذي حدث في فبراير/شباط 2022، والذي أدى إلى أعمال عنف جماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان. ويأتي هذا الانخفاض الكبير للدولة الأوروبية الوحيدة في القائمة، لأنه قبل الحرب كانت أوكرانيا تحتل المرتبة 33 في تصنيف الدول الأكثر سلمية، وكان مستوى الجريمة منخفضاً، وكان المواطنون يشعرون بالأمان.