عندما نقول البرتغال نفكر أولًا بمدينتي لشبونة وبورتو اللتين تستقطبان أعدادًا كبيرة من السيّاح على مدار السنة، خاصة خلال فصل الصيف، لكن هل سمعتم يومًا عن بلدة "إيفورا"؟ إنها عاصمة منطقة "ألينتيخو"، جنوب البلاد، يحدّها من الشمال نهر "تاجوس"، ومن الجنوب منطقة "ألجارفي"، كما أنها تبعد نحو ساعة ونصف الساعة عن العاصمة لشبونة.

واللافت في "إيفورا" التي يبلغ عدد سكانها حوالي 60 ألف نسمة، هو وسط البلدة القديم المُحاط جزئيًا بأسوار تعود إلى القرون الوسطى، الأمر الذي جعلها مُدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي منذ العام 1986. ويعود تاريخ "إيفورا" إلى العصر السلتي ثم الروماني في القرن الثاني قبل الميلاد، وقد أقام فيها الموريون وبعدهم ملوك البرتغال الذين بنوا القصور والأديرة في القرن الخامس عشر. وبشوارعها الضيقة وميادينها المرصوفة بالحصى ومبانيها البيضاء والصفراء، تختزن "إيفورا" تاريخًا عريقًا وإرثًا ثقافيًا حافظت عليه؛ ليتمّ اختيارها عاصمة للثقافة الأوروبية لعام 2027.

المعبد الروماني

يعود هذا المعبد إلى القرن الثاني أو أوائل القرن الثالث الميلادي، وهو من بين أشهر المعالم الرومانية المحفوظة في البرتغال وربما في شبه الجزيرة الأيبيرية. وعلى الرغم من أنه يُشار إليه عادةً باسم معبد ديانا، إلا أنه لا يوجد إجماع حول هذه التسمية، ويَعتقد بعض علماء الآثار أنه ربما تم تخصيصه ليوليوس قيصر. وصمدت أعمدة المعبد الكورنثية الأربعة عشر المغطاة بالرخام لمدة 18 قرنًا بسبب الجدران التي كانت محيطة بها في العصور الوسطى، والتي شكّلت حصنًا منيعًا لها.

موقع المندريس كرومليك

توجد في هذا الموقع الذي يبعد 15 كيلومترًا غرب " إيفورا " مجموعة من الصخور الضخمة البيضاوية الشكل والتي تُعد الأهم في شبه الجزيرة الأيبيرية. كما توجد في الموقع 95 قطعة من الجرانيت المستديرة بعضها محفورة عليها علامات رمزية، وهي تنتشر على منحدر وعر وسط أشجار الزيتون والبلّوط. ويعود تاريخ هذه الصخور إلى ما بين 4000 و2000 قبل الميلاد، ويعتقد أنها كانت مكانًا تمارس فيه طقوس دينية في فترة العصر الحجري الحديث.

جامعة إيفورا

تتكوّن جامعة إيفورا من مبانٍ عدّة منتشرة في جميع أنحاء البلدة والمنطقة المحيطة بها، وقد تأسست، العام 1559، على يد الكارديناك د. هنريكي. وهذه هي ثاني جامعة تأسست في البرتغال، وتُدرّس فيها جميع الاختصاصات باستثناء الطب والقانون المدني، وتضم كلية "Espirito Santo" التي يزورها العديد من السيّاح سواء لتاريخها أو روعتها الهندسية.

كنيسة العظام

واحدة من أكثر المعالم السياحية شهرة في " إيفورا " وربما تكون أيضًا واحدة من أكثر المعالم التي تقشعرّ لها الأبدان، حيث تصطف على جدرانها وأعمدتها عظام وجماجم حوالي 5000 شخص. وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر انتشر وباء الطاعون في أوروبا، ما أسفر عن وفاة عدد كبير من السكان وبالتالي أدى الى مشكلة اكتظاظ المقابر حتى وجد الحلّ 3 رهبان من الفرنسيسكان تمثّل باستخدام العظام في بناء تلك الكنيسة.

ساحة "براكا دو جيرالدو"

هي الساحة الرئيسة وسط البلدة التاريخي التي كانت شاهدًا على عدد الأحداث المهمة في تاريخ البرتغال، حيث تم إعدام فرناندو دوق براغانكا، العام 1483، بتهمة الخيانة والتآمر ضد الملك جواو الثاني، كما تم في تلك الساحة حرق آلاف الأشخاص من ضحايا محاكم التفتيش في القرن السادس عشر. وشهدت أيضًا تلك الساحة مناقشات نارية حول الإصلاح الزراعي، خلال السبعينيات من القرن الماضي، كما توجد في وسطها نافورة "هنريكيوما" الشهيرة التي يعود تاريخها الى العام 1570.

قصر دوقات كادافال

تم بناء القصر في القرن الرابع عشر على أنقاض قلعة مغاربية في وسط البلدة مقابل المعبد الروماني، يُعتبر مثالًا فريدًا للتراث المعماري للبلاد. ويتألف القصر من طوابق عدّة، ويحتوي على حدائق داخلية إضافة الى كنيسة صغيرة، وتضمّ غرفه موروثات العائلة القيّمة بينها مخطوطات من القرن الخامس عشر، ودروع وأسلحة قديمة متنوّعة تعود الى القرن السادس عشر، ولوحات ومنحوتات من القرنين السابع عشر والثامن عشر. ويستضيف قصر دوقات كادافال حتى العاشر من ديسمبر المقبل، معرض الخزف المعاصر بمشاركة 35 فنانًا من هويات مختلفة.