أكد تحقيق موسع أن العشرات من المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية أجراها طبيب جراح في بريطانيا أصيبوا بأضرار بالغة، بسبب وضع مسامير بطريقة خاطئة في ظهورهم. فقد فتح هذا التحقيق بتكليف من مستشفى سالفورد الملكي عام 2021 وأجراه جراحون وخبير مستقل، حيث راجعوا الرعاية التي تلقاها 130 من مرضى ويليامسون، بين عامي 2009 و2014، ووجدوا أن 23 منهم وضعت لهم مسامير في مكانها غير الصحيح في العمود الفقري، وأن خمسة فقدوا كميات زائدة من الدم أثناء الجراحة؛ وأنه في 35 حالة وقعت ممارسة جراحية خاطئة أثناء العمليات.
وسجلت صحيفة بريطانية وفاة كاثرين أوكونور (17 عاماً) على طاولة العمليات في فبراير/شباط عام 2007 بعد جراحة فاشلة أجراها ويليامسون (66 عاماً)، الذي كان حينها مديراً طبياً مساعداً في مستشفى سالفورد الملكي ورئيس قسم جراحة العمود الفقري. وخلصت مراجعة لحالة أوكونور أجراها خبير مستقل إلى أن أخطاء ويليامسون ساهمت في وفاتها. وأشارت إلى أنه "لم يبدِ اهتماماً" بتعقيد الجراحة التي استمرت ثماني ساعات دون توفير كمية كافية من الدم والمعدات ودون وجود جراح آخر، وهو ما قالت إنه "غير مقبول وغير مبرر".
وفي حالة شارون سميث، استخدم ويليامسون مسامير أطول من اللازم في عمودها الفقري. وعُثر على أحدها بالقرب من الشريان الأورطي، وكان الآخر يلامس شرياناً منفصلاً. ولو انقطع، مثلما حدث لأوكونور، لكانت ماتت في ظرف ساعتين. وعاشت شارون مع المسامير لمدة عامين قبل أن يخضعها ويليامسون لعملية لإزالة أحدها، لكن الضرر الذي لحق بأنسجتها وأعصابها كان قد حدث بالفعل وهي تعيش عواقبه من حينها. وتقول: "انتهى بي الحال إلى إجراء ثلاث عمليات جراحية كان يفترض أن تكون واحدة. ولو تمت بشكل صحيح من البداية، لكانت حياتي مختلفة تماماً. أنا غاضبة جداً".
وفي حادث آخر، عام 2012، أصيب رجل بشلل وآلام حادة بعد أن أجرى له ويليامسون عملية جراحية بناء على مسح ضوئي انتهت صلاحيته منذ 29 شهراً، وهذا أدى إلى وضع مسامير العمود الفقري في غير مكانها الصحيح. وقال المريض، وهو الآن في الثلاثينيات من عمره، وطلب عدم الكشف عن هويته: "من الصعب جداً أن أقرأ هذا التقرير، بعد سنوات كثيرة جداً، لأعلم أنه كان ممكناً فعل الكثير لحمايتي، ومرضى آخرين كثر مثلي. لا يزال تأثير هذه الإخفاقات يؤثر بشكل كبير عليّ حتى الآن، بعد أكثر من عقد من الزمان، وأجد صعوبة بالغة في التعامل معها".
"متنمر ديكتاتوري"
كان ويليامسون، الرئيس السابق لجمعية الجَنَف البريطانية، أحد كبار جراحي تصحيح تشوهات العمود الفقري لدى البالغين والأطفال، لكن بالنسبة لزملائه كان "متنمراً ديكتاتورياً" جعل حياتهم العملية جحيماً، وفقاً لوثائق داخلية مسربة. وتُظهر هذه الوثائق أن كبار الأطباء السريريين اتهموه بإدارة القسم كما لو كان "إقطاعيته" الخاصة "بسلطة مطلقة" لأنه كان على علاقة بمديرة ممرضي القسم، وأشار زملاؤه إلى أنهم يعربون عن قلقهم من الجراح منذ عام 2014.
وفُتح التحقيق الخاص بالرعاية السريرية لويليامسون، الذي نشرته الأسبوع الماضي مؤسسة Northern Care Alliance NHS Foundation Trust التي تدير مستشفى سالفورد الملكي، بناء على شكوى جديدة قدمت إلى رئيسها التنفيذي الجديد عام 2021. وخلص إلى أن سلوك ويليامسون كان مشيناً لدرجة أنه من الضروري إحالته إلى هيئة تنظيم الأطباء، المجلس الطبي العام. وكان العاملون في المؤسسة قد شكوه للهيئة الرقابية عام 2015 ولكن تمت تبرئته.
وفي نهاية المطاف، فُصل في ذلك العام بسبب سلوكه غير اللائق مع إحدى الموظفات بعد رسالة مجهولة إلى مديري المؤسسة. وبعد ذلك، طلبت المؤسسة من الكلية الملكية للجراحين مراجعة حالات عشرة مرضى ولكن لم يُعثر على مشكلات كبيرة. وشكك تقرير الأسبوع الماضي في هذه النتيجة، حيث قال إن سبعة من هؤلاء المرضى العشرة عانوا من درجة معينة من الضرر.
وقال أحد العاملين الذي كان مقتنعاً بأن المؤسسة تسترت على هذه المشكلات: "كانوا يرغبون في تفادي الإضرار بسمعتهم في مؤسسة يُنظر إليها على أنها نموذجية في دائرة الصحة الوطنية. والمؤسسة باختيارها الامتناع عن حل هذه المشكلة، تسببت في المزيد من الأذى للمرضى".