مع بداية الاجتياح الألماني للأراضي السوفيتية ضمن عملية برباروسا (Barbarossa) خلال شهر يونيو/حزيران 1941، استقبل عدد كبير من الأوكرانيين الألمان كمحررين، فخلال الثلاثينيات، تحمّل الأوكرانيون بكره شديد تجاه النظام السوفيتي بسبب السياسات الستالينية التي تسببت في سقوط ملايين الضحايا خاصة ضمن مجاعة الهولودومور (Holodomor) التي أودت لوحدها بحياة 5 ملايين أوكراني.ومع بداية انسحاب الألمان من المنطقة عقب تلقيهم لهزائم عسكرية عديدة، عاد السوفيت مجددا نحو الأراضي الأوكرانية لتبدأ على إثر ذلك حملة انتقامية موجهة ضدهم.
750 ألف مجند
أواخر العام 1943، عاد الجنرال السوفيتي، والقائد المستقبلي للاتحاد السوفيتي، نيكيتا خروتشوف نحو أوكرانيا عقب انسحاب الألمان من أجراء واسعة منها. ومع وصوله، تفاجأ خروتشوف بالتقارير التي أشارت لحجم الخراب الذي لحق بالمصانع الأوكرانية ونقص الغذاء وتراجع نسبة الشباب المؤهلين للعمل. فأثناء انسحابهم، لم يتردد الألمان في نقل حوالي مليون أوكراني، كعمال أو أسرى، نحو المناطق التي ظلت قابعة تحت سيطرتهم. ومع استعادتهم لأوكرانيا، طبّق السوفيت نظام التجنيد الإجباري مجددا. وبسبب ذلك، أرسل نحو 750 ألف شخص، تراوحت أعمارهم بين 19 و50 سنة، نحو مواقع الجيش الأحمر بالجبهة عقب تلقيهم لتدريب عسكري سريع.
سياسة زراعية فاشلة ومصادرة المحاصيل
وعلى الرغم من هذا الوضع الرديء بالمنطقة، حثّ خروتشوف الأوكرانيين على مضاعفة جهودهم لدعم الجيش الأحمر وإعادة بناء الاقتصاد، إلى ذلك، لم تحقق إجراءات خروتشوف النتائج المرجوة. فبحلول العام 1945، بلغ الإنتاج الصناعي الأوكراني ربع ما كان عليه بفترة ما قبل الحرب. فضلا عن ذلك، واصل الإنتاج الفلاحي انهياره بسبب سياسة الحصص ومصادرة المحاصيل والعوامل المناخية السيئة ما بين عامي 1944 و1945.
وأملا في معالجة الأزمة الزراعية، أصدر خروتشوف أوامر بطرد العناصر الغير منتجة، كالمعوقين والكبار في السن والمرضى، من المزارع الجماعية بهدف نقلهم فيما بعد نحو مناطق أخرى بشرق الاتحاد السوفيتي. ومن جهة ثانية، اتجه الجيش الأحمر والشرطة السوفيتية لملاحقة أعداد كبيرة من الأوكرانيين الذين رفضوا فكرة عودة بلادهم للاتحاد السوفيتي وأيدوا في المقابل فكرة الاستقلال التام. وحسب العديد من التقارير، أعدمت السلطات السوفيتية ما بين عامي 1944 و1946 عشرات الآلاف من الأوكرانيين الذين وصفتهم بالمتمردين والمخربين بينما أرسلت حوالي ربع مليون آخرين نحو مناطق نائية شرق الاتحاد السوفيتي.
ما بين عامي 1944 و1946، كان الموسم الزراعي بأوكرانيا كارثيا. وبالعام التالي، تخوف الجميع من إمكانية حدوث مجاعة بسبب تواصل سياسة مصادرة أكثر من نصف المحاصيل ومعاناة الفلاحين من ويلات الجفاف. أمام هذا الوضع، راسل خروتشوف ستالين عام 1946 طالبا مساعدة عاجلة من موسكو لوقف الأزمة بأوكرانيا. ومع رفض كل ما جاء برسائله، سافر خروتشوف شخصيا لموسكو حيث التقى بستالين لطلب المساعدة. وبعد جملة من المشاورات، وافق ستالين على إرسال بعض المساعدات المالية والغذائية نحو أوكرانيا التي شهدت بفضل ذلك ظهور ما يعرف بالمطابخ الجماعية، الملقبة أيضا بمطابخ الفقراء، التي وفرت وجبات غذائية لعدد هام من الأوكرانيين.