في القرن الماضي، لعب البلشفي ليون تروتسكي دوراً هاماً في نجاح ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1917 التي أطاحت بالحكومة المؤقتة وساهمت في استيلاء البلاشفة على السلطة، وبالسنوات التالية، ساهم تروتسكي، مؤسس الجيش الأحمر، في صناعة انتصار البلاشفة بالحرب الأهلية الروسية. وبفضل مجهوداته، ظهر الاتحاد السوفيتي الذي تزعمه بادئ الأمر فلاديمير لينين.
وعلى الرغم من كل هذه الخدمات الهامة، أقدم الاتحاد السوفيتي، أثناء فترة حكم ستالين، على طرد تروتسكي من البلاد قبل أن يسحب منه الهوية بحلول العام 1932. وإضافة لتروتسكي، تعرضت العديد من الشخصيات السوفيتية المرموقة لمصير مماثل بالفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية.
بطل الشطرنج فيكتور كورشنوي
يصنف لاعب الشطرنج السوفيتي فيكتور كورشنوي (Viktor Korchnoi) كواحد من أهم أبطال الشطرنج بالتاريخ حيث نجح الأخير في الفوز بالعديد من البطولات المحلية والعالمية ليتربع بفضل ذلك على عرش هذه اللعبة لوهلة من الزمن. إلى ذلك، تميز كورشنوي بمعارضته لسياسة النظام السوفيتي التي وصفها بالقمعية. وبأحد تصريحاته عام 1966، تحدث كورشنوي للإعلاميين مؤكدا على وجود مساع لتجريده من هويته السوفيتية.
عام 1974، نظمت اللجنة الرياضية السوفيتية مباراة شطرنج بين كورشنوي ونظيره السوفيتي أناتولي كاربوف (Anatoly Karpov) لتحديد منافس بطل العالم الأميركي بوبي فيشر (Bobby Fischer). وأثناء هذا اللقاء الذي انتهى بهزيمة كورشنوي، اتجهت اللجنة الرياضية السوفيتية لتقديم دعم معنوي هائل لكاربوف متسببة بذلك في حالة من الهستيريا لدى كورشنوي الذي انتقد علنا اللجنة الرياضية السوفيتية.
ليون تروتسكي بمكتبه
وعلى إثر ذلك، واجه كورشنوي عقوبات تأديبية حرم على إثرها لمدة عام من مغادرة التراب السوفيتي. ومع نهاية فترة العقوبة، فر كورشنوي نحو هولندا قبل أن يحصل في نهاية المطاف على اللجوء السياسي بسويسرا. كرد على ذلك، لم تتردد موسكو في تجريد كورشنوي من الهوية السوفيتية عام 1978. وقد اضطر كورشنوي حينها للمكوث خارج بلاده لحين استعادته لهويته عام 1990. ومع انهيار الاتحاد السوفيتي، رفض كورشنوي العودة لروسيا مفضلا مواصلة العيش بمدن أوروبا الغربية.
الأديب ألكسندر سولجنيتسين
في بداياته، تميز ألكسندر سولجنيتسين (Aleksandr Solzhenitsyn) بميوله الشيوعية حيث اعتبر الأخير كواحد من أهم الأدباء المؤيدين للنظام السوفيتي. وبالحرب العالمية الثانية، تطوع سولجنيتسين بالجيش السوفيتي. وهنالك، لم يتردد هذا الكاتب في نقد النظام الستاليني واصفا سياسة ستالين بالفاشلة. ومع اعتراض عدد من رسائله، اعتقل سولجنيتسين قبل أن يرسل نحو معسكرات العمل القسري المعروفة بالغولاغ (Gulag). إلى ذلك، قضى هذا الأديب السوفيتي 8 سنوات بالمعتقلات قبل أن يرسل فيما نحو المنفى.
صورة لفكتور كورشنوي
ومع رحيل جوزيف ستالين، كتب سولجنيتسين، أثناء فترة حكم نيكيتا خروتشوف، عن معسكرات العمل القسري وتجربته بين أروقتها. وبسبب سياسة اجتثاث الستالينية القائمة بالبلاد حينها، سمحت السلطات السوفيتية بنشر كتابات سولجنيتسين على نطاق واسع.
مع بداية فترة ليونيد بريجنيف، اتجه الاتحاد السوفيتي لحظر كتابات سولجنيتسين. في الآن ذاته، فرضت رقابة صارمة على هذا الأديب السوفيتي الذي عقد بأكثر من مناسبة اجتماعات سرية مع عدد من المقربين منه. وبحلول العام 1970، فاز سولجنيتسين بجائزة نوبل للآداب. وبالتزامن مع ذلك، بدأت مشاكل الأخير مع الدولة حيث حاول جهاز المخابرات السوفيتي تسميمه بأكثر من مناسبة قبل أن يعرض عليه الرحيل عن البلاد عام 1974.
صورة لألكسندر سولجنيتسين
ويوم 12 شباط/فبراير 1974، عقد المسؤولون السوفييت اجتماعا اتفقوا من خلاله على سحب الهوية من سولجنيتسين وطرده من البلاد. وتنفيذا لهذا القرار، غادر سولجنيتسين، رفقة عائلته، الأراضي السوفيتية لتبدأ على إثر ذلك حملة مصادرة لجميع مؤلفاته وكتاباته. مكث سولجنيتسين سنوات عديدة خارج البلاد قبل أن يستعيد هويته بحلول العام 1990. وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي، عاد الأخير عام 1994 نحو الأراضي الروسية.