ما بين عامي 1955 و1975، تابع العالم وقائع حرب فيتنام التي استمرت لما يزيد عن 19 عاما و5 أشهر وانتهت تزامنا مع سقوط سايغون (Saigon) يوم 30 نيسان/أبريل 1975. وقد جاءت هذه الحرب التي أسفرت عن سقوط ملايين الضحايا لتصنف ضمن أبرز أحداث الحرب الباردة، حيث ساندت خلالها موسكو الشماليين بينما دعم الأميركيون معارضي النظام الشيوعي بجنوب فيتنام. وعقب حادثة خليج تونكين (Tonkin) عام 1964، اتجهت الولايات المتحدة لزيادة عدد قواتها بفيتنام لتقوم على إثر ذلك بإرسال قوات قتالية نحو فيتنام، ليتحول بذلك دعمها للجنوبيين لتدخل عسكري مباشر بالحرب.
خطف السفينة
وفي خضم حرب فيتنام، عاشت الولايات المتحدة الأميركية مطلع السبعينيات على وقع حادثة فريدة من نوعها تمرد خلالها عدد من البحارة الأميركيين ضد القيادة العسكرية، حيث اتجه هؤلاء البحارة لعصيان الأوامر تزامنا مع تحويلهم لوجهة سفينة شحن محملة بالأسلحة. خلال شهر آذار/مارس 1970، أقدم البحاران الأميركيان كلايد ماكاي (Clyde McKay) وألفين غلاتكوسكي (Alvin Glatkowski) على احتجاز قائد سفينة الشحن والإمداد كولومبيا إيغل (Columbia Eagle) تحت تهديد السلاح. وعقب جملة من المفاوضات، سمح الخاطفان لرفاقهم والكابتن بمغادرة السفينة كولومبيا إيغل على متن قوارب النجاة قبل أن يقوما بتحويل وجهة السفينة نحو دولة كمبوديا. وعلى حسب عدد من المصادر، أقدم كل من كلايد ماكاي وزميله ألفين غلاتكوسكي على هذه الخطوة احتجاجا على تواصل الحرب بفيتنام وارتفاع الخسائر الأميركية تزامنا مع تعالي الأصوات المطالبة بخروج الأميركيين من هذه الحرب.
ومع بلوغهم لمنطقة سيهانوكفيل (Sihanoukville) بكمبوديا، أطلع الخاطفان السلطات المحلية عن قيامهم بخطف السفينة كولومبيا إيغل التي كان على متنها آلاف الأطنان من النابالم (napalm) الذي استعد الأميركيون لاستخدامه بفيتنام. وعلى إثر هذه التصريحات، حصل كل من ماكاي وغلاتكوسكي على اللجوء. وفي المقابل، استولت سلطات كمبوديا على شحنة النابالم الموجودة على متن السفينة.
نهاية الخاطفين وعودة السفينة
ولسوء حظ ماكاي وغلاتكوسكي، شهدت كمبوديا بتلك الفترة حربا أهلية أسفرت عن قيام جمهورية الخمير. وعلى إثر ذلك، وجد الرجلان الأميركيان نفسيهما أسيرين لدى حكومة الوزير الأول الكمبودي لون نول (Lon Nol). لاحقا، اتجه لون نول لإعادة السفينة المحتجزة للأميركيين كما سلّم ألفين غلاتكوسكي للسفارة الأميركية التي تكفلت بإعادته للأراضي الأميركية أين حوكم بتهمة الخيانة لينال على إثر ذلك حكما بالسجن عشر سنوات. في المقابل، تمكن كلايد ماكاي من الفرار من معتقله رفقة أحد المسلحين الكمبوديين. لاحقا، تمكنت قوات الخمير الحمر من القبض على كلايد ماكاي الذي أعدم رميا بالرصاص عام 1971.