أطلقت الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات المسلحة الألمانية، العنان لعملية بربروسا (Barbarossa) في 22 حزيران/يونيو 1941، فاتحة بذلك جبهة إضافية شرقاً. وخلال هذا الهجوم، باشر مئات الآلاف من الجنود الألمان عبورهم للحدود الألمانية السوفيتية واضعين بذلك حداً لمعاهدة عدم الاعتداء الألمانية السوفيتية الموقعة خلال آب/أغسطس 1939 والمعروفة بمعاهدة مولوتوف ريبنتروب (Molotov–Ribbentrop).
وقبل ساعة الصفر، اتجه الألمان للتحضير لعملية غزو الأراضي السوفيتية. وإضافة للمعدات العسكرية والجنود التي نقلت نحو الحدود، اتجه الألمان لإعداد بيانات وقرارات حول كيفية التعامل مع العسكريين والمواطنين السوفيت طيلة فترة الحرب.
تصنيف شعوب الاتحاد السوفيتي
وأواخر العام 1935، اتجه المسؤولون بمكتب الحرب النفسية التابع لوزارة الحرب الألمانية لإصدار تقارير حول كيفية التعامل مع العسكريين والمدنيين السوفيت في حال اندلاع حرب بين موسكو وبرلين. وانطلاقا من الأبحاث التي أجريت على عدد من اللاجئين الروس بألمانيا، دعا مكتب الحرب النفسية لاعتماد البروباغندا ضد السوفيت عن طريق إرسال منشورات إليهم بهدف دعوتهم للالتحاق بالألمان في مواجهة البلشفيين.
بهذه المنشورات، دعا مكتب الحرب النفسية لتلقيب السوفيت بالإخوة والأصداء أملا في خلق علاقة طيبة بينهم وبين الألمان. وفي السنوات التالية، اتجه المسؤولون بوزارة الحرب الألمانية لاعتماد نظرية أكثر راديكالية وذات ميول نازية تجاه شعوب الاتحاد السوفيتي التي صنفت ضمن الشعوب الدنيئة والأقل درجة من الشعب الألماني.
مرسوم بربروسا
وخلال لقاء رفيع المستوى مع عدد من قيادات الجيش الألماني يوم 30 آذار/مارس 1941، وضع أدولف هتلر أبرز ركائز ما عرف بمرسوم بربروسا. وبموجب ذلك، أكد هتلر على أن عملية بربروسا ستكون حرب إبادة ضد السياسيين والمثقفين الروس لضمان تواصل النصر الألماني على الأراضي السوفيتية. من جهة ثانية، دعا القائد النازي لتجاوز دور المحاكم العسكرية قبل تنفيذ عمليات الإعدام مؤكدا على أهمية التخلص بأسرع وقت من كل ما يمكن أن يشكل تهديدا للوجود الألماني. وبالمرسوم النهائي الذي وضعه المارشال فيلهلم كايتل (Wilhelm Keitel) بالأسابيع التالية، وافق الأخير على عدم محاسبة الجنود الألمان وعملائهم الروس على جرائم الحرب التي يرتكبونها كما قبل بمبدأ إعدام المعتقلين في حال موافقة أحد المسؤولين بالفرق العسكرية على ذلك.
ويوم 13 أيار/مايو 1941، وقّع رئيس القيادة العليا للفيرماخت فيلهلم كايتل على مرسوم بربروسا الذي تعلق أساساً بعلاقة القوات الألمانية مع المدنيين والمقاومين السوفيت. وبالأوامر الصادرة بهذا المرسوم، دعي الجنود الألمان، التابعون للفيرماخت، للقضاء على المقاومين السوفيت، دون رحمة، بالمعارك أو أثناء محاولتهم الفرار من ساحات القتال. أيضاً، حثت الأوامر العسكريين الألمان على معاقبة المدنيين والقضاء عليهم في حال مقاومتهم للوجود الألماني. وفي حال تعرضها لهجوم من قبل مدنيين غير محددين، دعا مرسوم بربروسا الجنود الألمان للعودة لقائد الكتيبة قبل العمل بسياسة العقاب الجماعي ضد جميع المقيمين بالمنطقة.
إعفاء من الملاحقة القضائية
من ناحية ثانية، أعفى مرسوم بربروسا الجنود الألمان من الملاحقة القضائية في حال ارتكابهم لجرائم، يعاقب عليها القانون العسكري، ضد مواطنين وعسكريين سوفيت. وأثار مرسوم بربروسا ردود فعل متباينة في صفوف القادة العسكريين الألمان، وبينما اتجه البعض لمخالفة ما جاء فيه، فضّل البعض الآخر تطبيقه بحذافيره. والعام التالي، اتجه المسؤولون بالجيش الألماني لإضافة قوانين جديدة تعلقت بالعلاقات النوعية بين الألمان والروس. وبموجب ذلك، لم تتردد بعض الفرق العسكرية الألمانية التابعة للفيرماخت في تسليم العديد من النساء الروسيات، المتهمات بإقامة علاقات حميمة مع الجنود الألمان، لفرق الأس أس (SS) التي تكفلت بمهمة إعدامهن.