يوم 29 أغسطس/آب 1949، جرّب السوفيت بنجاح أول أسلحتهم النووية، بمنطقة سيميبالاتينسك (Semipalatinsk) بكازاخستان نجح السوفيت في حدود الساعة السابعة صباحا بتفجير القنبلة آر دي أس 1 (RDS-1) مثيرين بذلك ذهول الأميركيين الذين اتجهوا لتلقيبها حينها بالقنبلة جوي 1 (Joe-1) نسبة لجوزيف ستالين. إلى ذلك، لعبت المخابرات السوفيتية دورا هاما في الحصول على التكنولوجيا النووية، فطيلة السنوات السابقة، نقل العديد من العملاء والمخبرين السوفيت العديد من المخططات والأبحاث السرية الأميركية والبريطانية نحو موسكو.
جورج كوفال
ولد جورج كوفال (George Koval) عام 1913 لعائلة من المهاجرين الروس الذين استقروا بالولايات المتحدة الأميركية، وفي التاسعة عشرة من العمر، عادت عائلة كوفال لموطنها الأصلي هربا من ويلات الكساد الكبير الذي تسبب في إفلاس العديد من الأميركيين وارتفاع نسبة البطالة. عام 1940، عاد جورج كوفال مجددا للولايات المتحدة الأميركية حيث أوكلت إليه مهمة نقل معلومات حول برامج التسلح الكيمياوية الأميركية. إلى ذلك، غيّر كوفال طبيعة مهمته عقب تقدم الأبحاث الأميركية حول القنبلة الذرية.
سنة 1943، استدعي جورج كوفال للجيش الأميركي. وبسبب قضائه عامين بأحد المعاهد التقنية سابقا، أرسل الأخير نحو أحد المخابر المختصة بمجال المواد المشعة. وعقب قضائه لفترة تدريب وتأهيل، عيّن هذا الجاسوس السوفيتي بأحد المخابر السرية بمدينة أوك ريدج (Oak Ridge) بولاية تينيسي (Tennessee). وأثناء تواجده بهذا المخبر، اطلع جورج كوفال عن كثب على الأبحاث التي أجريت على اليورانيوم والبلوتونيوم قبل أن يقوم بنقلها بشكل دقيق لموسكو. وإضافة لهذه المعلومات الحساسة، حصل السوفيت بتلك الفترة، بفضل كوفال، على معلومات حول مواقع المختبرات السرية الأميركية.
لاحقا، نقل جورج كوفال نحو أحد المختبرات الأميركية بمدينة دايتون (Dayton) بأوهايو. وهنالك، تابع الأخير عن كثب عملية تطوير أولى القنابل الذرية الأميركية. وعلى إثر ذلك، نقل هذا الجاسوس معلومات حساسة ساعدت في موسكو في الحصول على أولى قنابلها الذرية عام 1949. وقبل كشف طبيعة أعماله التجسسية، عاد كوفال نحو الاتحاد السوفيتي حيث واصل عمله بأحد المختبرات السوفيتية. وفي الأثناء، باشر مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتحقيق حول طبيعة نشاطه أثناء تواجده على الأراضي الأميركية.
ميليتا نوروود
ولدت ميليتا نوروود (Melita Norwood) عام 1912 بمدينة بورنموث جنوب إنجلترا، وأثناء فترة المراهقة، أعجبت الأخيرة بالفكر الاشتراكي وكتابات كارل ماركس. وفي العشرين من عمرها، حصلت هذه الشابة على وظيفة سكرتيرة بأحد مراكز الأبحاث حول المعادن ببريطانيا. وبسبب توجهاتها الفكرية والسياسية، انتدبت ميليتا نوروود للعمل كجاسوسة لصالح المخابرات السوفيتية عام 1937. وعلى مدار الـ35 عاما التالية، اطلعت هذه الجاسوسة عن كثب على الأبحاث حول برنامج سبائك الأنابيب (Tube Alloys) النووي السري البريطاني وعمدت لنقل معلومات حساسة لموسكو حول الأبحاث النووية البريطانية ومدى تقدمها. وبفضل ما قدمته ميليتا نوروود، راقب السوفيت البرنامج النووي البريطاني وتمكنوا من الحصول على وثائق حساسة حول اليورانيوم والبلوتونيوم.
من جهة ثانية، رفضت ميليتا نوروود الحصول على مقابل مادي كتكريم لها على جهودها في نقل معلومات حول البرنامج النووي البريطاني. وخلال عامي 1945 و1965، اتجهت المخابرات البريطانية لمراقبة نشاطات ميليتا نوروود بسبب بعض الشكوك التي حامت حولها. ومع نقص المعلومات التي تدينها، تخلى جهاز المخابرات البريطاني عن فكرة تتبعها. مع انهيار الاتحاد السوفيتي، ظهرت عام 1992 العديد من الوثائق والمعلومات التي دانت ميليتا نوروود. وفي الأثناء، أفلتت الأخيرة من التتبعات العدلية بسبب المرض وتقدمها في السن.