عقب إزاحته ليون تروتسكي، حكم جوزيف ستالين الاتحاد السوفيتي بقبضة من حديد لفترة قاربت الربع قرن. إلى ذلك، صنفت فترة حكم ستالين كواحدة من أكثر الفترات الدموية بتاريخ الإنسانية حيث تسبب الأخير في مقتل ما لا يقل عن 20 مليون شخص بسبب المجاعات والإعدامات والإرهاق بمعسكرات العمل القسري المعروفة بالغولاغ (Gulag). وفي الأثناء، بلغت عمليات الإعدام والملاحقات الأمنية أشدها ما بين عامي 1936 و1938 ضمن ما عرف بفترة التطهير العظيم. وبتلك الفترة، فقدت الطفلة غيليا ماركيزوفا (Gelya Markizova)، التي تحولت سابقا لأشهر طفلة سوفيتية، والديها اللذين لم يتردد ستالين في التخلص منهما.
صورة جابت مختلف مناطق الاتحاد السوفيتي
إلى ذلك، كانت غيليا ماركيزوفا، ابنة أردان ماركيزوفا الذي شغل منصب مفوض الشعب لشؤون الزراعة بمنطقة بوريات (Buryat)، في السادسة من عمرها عندما حلت بالكرملين لأول مرة خلال شهر يناير 1936. وأثناء حلولها بالكرملين، قدمت هذه الفتاة باقة ورود للقائد السوفيتي ستالين. وبالتزامن مع ذلك، حمل ستالين الفتاة أمام عدسات الكاميرا وقبّلها قبل أن يلتقط معها صورة جابت أرجاء البلاد. وبهذه الصورة، ظهرت غيليا ماركيزوفا البالغة من العمر 6 سنوات سعيدة ومبتسمة أثناء عناقها ستالين الذي بدى بدوره مسرورا بوجودها. لاحقا، اتجه المسؤولون السوفييت لاستغلال هذه الصورة لأغراض دعائية بهدف الترويج لستالين.
وعلى مدار أشهر، تناقلت الصحف السوفيتية، خاصة صحيفة البرافدا (Pravda)، صورة ستالين وغيليا ماركيزوفا وعنوت فوقها "شكرا للرفيق ستالين على الطفولة الرائعة التي منحنا إياها ". من جهة ثانية، انتشرت هذه الصورة بمختلف أرجاء الدولة، وعُلّقت بالمدارس والمستشفيات كما اتجه النحات السوفيتي جيورجي لافروف (Georgi Lavrov) لتخليدها عن طريق نحت تمثال لستالين أثناء معانقته الفتاة. وبفضل هذه الصورة، حصلت غيليا ماركيزوفا على معاملة خاصة بالمدرسة.
إعدام والدي الفتاة
وبعد مضي حوالي عام واحد من تاريخ التقاط هذه الصورة، اعتقل أفراد مفوضية الشعب للشؤون الداخلية والد غيليا ماركيزوفا الذي اتهم، عقب ادعاءات كاذبة، بالتخابر مع اليابانيين ومساندة أنصار تروتسكي. وعلى الرغم من مراسلة والدة غيليا لستالين لطلب العفو عن زوجها، أعدم أردان ماركيزوفا خلال شهر يوليو 1938 رميا بالرصاص. وبالتزامن مع ذلك، اعتقلت زوجته وأرسلت نحو أحد معسكرات العمل القسري حيث فارقت الحياة في ظروف غامضة. وبسبب اعتبارها ابنة أحد أعداء الدولة، عوملت غيليا بقسوة من طرف أصدقائها ومدرسيها قبل أن تجبر على التنقل نحو موسكو للعيش رفقة أقاربها الذين تكفلوا بها.
وبدلا من إزالة صور غيليا رفقة ستالين، فضّل المسؤولون السوفييت مواصلة الاعتماد عليها تزامنا مع إحداثهم لبعض التغييرات. وفي قرار غريب، غيّر المسؤولون السوفييت هوية الطفلة المبتسمة رفقة ستالين من غيليا ماركيزوفا لمملكات ناخانغوفا (Mamlakat Nakhangova) التي كانت حينها فتاة طاجاكستانية عاملة بمجال زراعة القطن وحاصلة على وسام لينين تكريما على جهودها.
ن