منذ القديم، أثارت أسماك القرش الرعب في نفوس البحارة، والمسافرين، الذين توغلوا بالبحار وابتعدوا عن اليابسة. ففي حال غرق سفنهم، تخوف الناجون غالبا من هجمات أسماك القرش التي حلت لتفتك بهم قبل وصول المساعدة. إلى ذلك، يذكر التاريخ العديد من هجمات أسماك القرش التي تسببت في سقوط مئات الضحايا. وقد جاءت أبرز هذه الهجمات بالقرن الماضي أثناء فترة الحرب العالمية الثانية حيث وجد الجنود أنفسهم عالقين بالمياه واضطروا في الغالب لتحمل ويلات الطقس الساخن وأسماك القرش الجائعة التي كانت في الغالب أسرع من فرق الإنقاذ.

يو أس أس أنديانابوليس
يوم 30 يوليو 1945، أبحرت السفينة الحربية الأميركية يو أس أس أنديانابوليس (USS Indianapolis) ما بين جزيرة غوام (Guam) وخليج ليت (Leyte) بالفلبين لتلحق بنظيرتها البارجة يو أس أس إيداهو (USS Idaho) استعدادا لبدء عملية غزو اليابان. وقبل 4 أيام فقط، نقلت هذه السفينة الحربية الأميركية أول قنبلة ذرية نحو جزيرة تينيان (Tinian) استعدادا لإلقائها فوق هيروشيما. وفي منتصف الطريق نحو خليج ليت، استهدفت يو أس أس أنديانابوليس بطربيد، أطلقته إحدى الغواصات اليابانية، تسبب في غرقها خلال بضعة دقائق. إلى ذلك، تواجد على متن هذه السفينة الأميركية لحظة استهدافها بالطربيد الياباني حوالي 1196 عسكريا أميركيا. وعقب غرقها، تمكن أكثر من 900 بحار أميركي من القفز نحو الماء تزامنا مع ارتدائهم لسترات النجاة. ومع تأخر فرق الإنقاذ، تعرض الناجون باليوم التالي لهجوم شنته أسماك القرش الأبيض. إلى ذلك، تواصلت هذه الهجمات القاتلة على الرغم من بداية عمليات الإنقاذ، حيث لاحظ المنقذون قيام أسماك القرش الأبيض بسحب العديد من الناجين، الذين كانوا عالقين بالماء، نحو الأعماق لافتراسهم. خلال هذه العملية، تمكن الأميركيون من إجلاء 317 بحارا. وفي الأثناء، أكدت المصادر الأميركية مقتل حوالي 600 بحار آخر بسبب هجمات أسماك القرش.

ناقلة الجنود كاب سان جوان
ويوم 12 نوفمبر 1943، استهدفت السفينة الأميركية كاب سان جوان (Cape San Juan) بطربيد ياباني قرب جزر فيجي (Fiji Islands) بعرض المحيط الهادئ. إلى ذلك، تواجد على متن هذه السفينة حوالي 1438 عسكري كان من ضمنهم أكثر من 1300 جندي تابعين لقوات المشاة الذين كانوا في طريقهم من سان فرانسيسكو نحو تاونفيل (Townsville) بأستراليا. وحال إصابة السفينة، توفي 130 عسكريا بسبب الانفجار الذي أحدثه الطربيد. ومع قدوم فرق الإنقاذ، تمكن 483 بحارا من النجاة عقب انتشالهم من عرض البحر. وفي المقابل، توفي أكثر من 600 آخرين إما غرقا أو بسبب هجمات أسماك القرش.

ناقلة الجنود نوفا سكوشيا
يوم 28 نوفمبر 1942، أصيبت ناقلة الجنود البريطانية نوفا سكوشيا (Nova Scotia) بطربيد ألماني أثناء تواجدها على بعد 50 كلم فقط من سواحل جنوب أفريقيا. وبتلك الفترة، تواجد على متن هذه السفينة 134 عسكريا بريطانيا و650 أسير حرب إيطاليا إضافة لطاقم السفينة المتكون من 118 فردا. وفي غضون 7 دقائق فقط، غاصت السفينة نحو القاع. وبالتزامن مع ذلك، طفت الغواصة الألمانية نحو السطح وأقدمت على سحب عنصرين فقط من الناجين لاستجوابهم أملا في معرفة طابع الهدف الذي تم استهدافه. ومع عدم تلقيها لأوامر بإنقاذ الناجين، ابتعدت الغواصة الألمانية عن المكان تاركة من تبقى على قيد الحياة بعرض البحر. لاحقا، تمكنت فرق الإنقاذ البريطانية من إجلاء 190 فردا من الناجين. وفي المقابل، توفي أكثر من 700 آخرين إما غرقا أو بسبب هجمات أسماك القرش الأبيض الذي تواجد بكثافة بتلك المنطقة.

نيو جيرسي 1916
قبيل التحاقها بالحرب العالمية الأولى، عاشت الولايات المتحدة الأميركية عام 1916 على وقع صيف ساخن تزامن مع انتشار مرض شلل الأطفال. وأمام هذا الوضع، أقبل عدد كبير من الأميركيين نحو شواطئ نيو جيرسي للتمتع بالبحر بعيدا عن أجواء المدينة. ما بين يومي 1 و12 يوليو 1916، اهتزت المنطقة على وقع هجمات أسماك القرش التي أثارت الذعر في صفوف المصطافين. وبتلك الفترة، تسببت هجمات أسماك القرش في مقتل 4 أميركيين وإصابة آخر بجروح بليغة. من جهة ثانية، لم يتمكن المسؤولون من تحديد نوع الأسماك المفترسة التي تسببت في هذه الوفيات. فبينما تحدث البعض عن القرش الأبيض، ألقى آخرون باللوم على أسماك قرش الثور التي كانت منتشرة بالمنطقة.