اتجه الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت أثناء فترة الحروب النابليونية، وتحديداً في عام 1806، لفرض الحصار القاري على بريطانيا، مانعاً بذلك البريطانيين من مواصلة حركتهم التجارية مع عدد مهم من المناطق الأوروبية المطلة على المحيط الأطلسي. ومع فقدانهم للخشب الأوروبي الذي كان ضرورياً لأحواض بناء السفن، وجّه البريطانيون أنظارهم نحو الخشب الكندي. ووفر الحصار القاري فرصة للكنديين لتحسين تجارتهم وتحقيق مزيد من الأرباح.وفي خضم نمو تجارة الخشب، شهدت مقاطعة نيو برونزويك (New Brunswick) الحالية، عام 1825 قبل الاتحاد الكونفيدرالي عام 1867، حريقاً هائلاً صنف كواحد من أكبر الحرائق بتاريخ البشرية، وأسفر عن تخريب قسم واسع من غابات المنطقة.
حرائق وسماء حمراء ويوم القيامة
وشهدت المقاطعة في هذا العام صيفاً حاراً غير مسبوق رافقه انخفاض حاد في نسبة الرطوبة. وبسبب ذلك، عاشت المقاطعة على وقع حرائق اجتاحت المناطق المحاذية لكل من فردريكتون (Fredericton) وخليج شالير (Chaleurs) ومضيق نورثمبرلاند (Northumberland). إضافة للطقس الحار غير المسبوق، لعب السكان المحليون دوراً هاماً في إشعال الحرائق وتفاقم الأزمة بسبب سياسة قطع الأشجار وحرق النباتات التي اعتمدوها لتوفير أراضٍ صالحة للزراعة. ويوم 19 سبتمبر/ أيلول 1825، امتدت الحرائق بالمنطقة لتطال إقامة الحاكم البريطاني هاورد دوغلاس (Howard Douglas) الذي طالب السلطات البريطانية بتدخل عاجل لتجنب كارثة بنيو برونزويك.
ويوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1825، شهدت المنطقة هبوب رياح عاتية ساهمت في توسع وانتشار الحرائق، التي أصبحت شبيهة بعاصفة نارية، نحو مدن عديدة كفردريكتون التي دمر عدد هام من منازلها. في الأثناء، سجلت ميراميشي (Miramichi) أكبر نسبة من الأضرار حيث التهمت النيران حوالي ألف كلم مربع منها ومن المناطق المحاذية لها. وبسبب ذلك، لقّب هذا الحريق عام 1825 بحريق ميراميشي. وحسب شهادات المسؤولين بتلك الفترة، فرت أعداد كبيرة من الماشية نحو الغابات عقب مشاهدتها للنيران والدخان. فضلاً عن ذلك، تسبب هذا الحريق في تغير لون السماء نحو الأحمر بالمنطقة. وبسبب عدم حصولهم على معلومات كافية حول حرائق الغابات بمقاطعتهم، آمن عدد كبير من أهالي نيو برونزويك بحلول "يوم القيامة".
احتراق 16 ألف كلم مربع من الغابات
وأسفر الحريق عن مقتل حوالي 300 شخص فيما تحدثت مصادر أخرى عن عدد ضحايا مرتفع قارب الثلاثة آلاف. وبسجن مدينة نيوكاسل بنيو برونزويك، احترق العديد من السجناء عقب فشلهم في المغادرة ومحاصرتهم من قبل النيران. من جهة ثانية، أحرقت النيران 16 ألف كلم مربع من الغابات وهو الرقم الذي يعادل خمس إجمالي مساحة الغابات بالمقاطعة. إلى ذلك، قاد الحاكم البريطاني هاورد دوغلاس جهود الإنقاذ بكل من فردريكتون وميراميشي. وبفضل نداء الإغاثة الذي أطلقه، وفرت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وبقية المقاطعات الكندية، القابعة حينها تحت النفوذ البريطاني، نسبة كبيرة من المواد الغذائية والملابس التي ساهمت في إنقاذ وإغاثة نحو 16 ألفا من المتضررين.