على مدى الأسابيع الستة الماضية، انتشرت حرائق الغابات الهائلة في جميع أنحاء كندا، مما تسبب في عمليات إجلاء جماعية وحرق أكثر من 3.3 مليون هكتار من الأراضي في ماريلاند أكبر من ولاية بالبلاد. وبينما يمتد موسم حرائق الغابات في كندا عادة من مايو/أيار حتى أكتوبر/تشرين الأول، فإن مثل هذا الدمار في بداية الموسم نادراً ما يحدث.
فبعد شهر واحد، شهدت كندا أكثر مواسم حرائق الغابات تدميراً في التاريخ وأدت درجات الحرارة الشديدة والجفاف الناجم عن تغير المناخ إلى خلق حالة من الصدمة. فيما لم تقتصر هذه الأزمة الكندية على مناطق الشمال، بل انتشر الدخان الناتج عن الحرائق عبر جزء كبير من الولايات المتحدة، مما أثر على جودة الهواء للملايين عبر الساحل الشرقي، حيث اشتعلت الحرائق دون وجود أي علامات على توقفها.
لماذا تحترق كندا؟
وتعد الظروف الدافئة والجافة سبباً في إشعال حرائق الغابات، فقد شهدت مناطق كثيرة من كندا، مثل بقية أميركا الشمالية، حرارة قياسية وجفافاً في الفترة الأخيرة مع استمرار تغير المناخ في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. بدوره، قال إدوارد ستروسيك، الزميل في معهد كوينز للطاقة والسياسة البيئية في جامعة كوينز في كندا، إن "موسم الحرائق يستمر أيضاً لفترة أطول الآن بسبب تغير المناخ". وتابع "الربيع يأتي قبل أسابيع من موعده والخريف يأتي بعد أسابيع. ما يعني مزيداً من الوقت لحدوث حرائق".
وأضاف أن "التيار النفاث، الذي يتسبب في الطقس وينقله من الغرب إلى الشرق، يساهم أيضاً في اندلاع الحرائق. وقال إنه يزداد ضعفاً لأن قوته تعتمد على الاختلافات في درجات الحرارة بين القطب الشمالي والجنوب. كذلك أشار إلى أنه "وبعد أن ارتفعت درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أسرع من بقية العالم، أصبح التيار النفاث أضعف، وأكثر تزعزعاً. وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا نرى أنظمة الطقس الحار والجاف تتعطل، مما يسمح للقباب الحرارية بالبناء وتمهيد الطريق للنيران". ووفقاً لنظام معلومات حرائق Wildland الكندية، كان الدمار الناجم عن هذه الحرائق حتى هذه المرحلة من الموسم أسوأ 13 مرة من متوسط 10 سنوات.
كيف بدأت الحرائق في كندا؟
كما أن الطقس الجاف الحار يولد المزيد من البرق. وفي الموسم العادي، تبدأ نصف حرائق الغابات في كندا بالبرق، لكن تلك الحرائق مسؤولة عن أكثر من 85% من حرائق الغابات المدمرة، أما النصف الآخر فهو من صنع الإنسان. وما قد يبدو كزيادات طفيفة في متوسط درجات الحرارة له عواقب وخيمة. وأوضح الخبير أن "معظم الحرائق تبدأ في الغابات الشمالية في شمال كندا بالبرق. وتؤدي زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة واحدة مئوية إلى زيادة برق بنسبة 12% تقريباً. لذلك، كلما زادت درجة حرارة الجو مع ارتفاع درجة حرارة المناخ، زادت العوامل المحفزة للحرائق". وفي منطقة كيبيك الكندية، على سبيل المثال، اندلعت الحرائق بسبب البرق، لكن المسؤولين في ألبرتا قالوا إن سبب الحرائق هناك غير معروف حالياً. وفي أماكن أخرى من البلاد، تسبب الإنسان في هذه الحرائق بطرق مختلفة من أعقاب السجائر المهملة إلى الشرر من القطارات المارة.
نزوح الآلاف
ورغم أن حرائق الغابات شائعة في كندا، فمن غير المعتاد أن تشتعل الحرائق في وقت واحد بالشرق والغرب، مما أدى إلى زيادة موارد مكافحة الحرائق وإجبار الحكومة الكندية على إرسال الجيش للمساعدة. ووصل مئات من رجال الإطفاء الأميركيين إلى كندا لتقديم المساعدة وهناك آخرون في الطريق. واندلع بعض من أسوأ الحرائق في كيبيك بشرق البلاد، واضطُر أكثر من 11 ألفا إلى إخلاء منازلهم في الإقليم. وبدأ موسم حرائق الغابات مبكرا على غير المعتاد في إقليم ألبرتا الشهر الماضي وأتى على مساحة قياسية من الأراضي. كما يواصل إقليم نوفاسكوشيا مكافحة أكبر حرائق يشهدها على الإطلاق. ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة في مناطق من إقليم كولومبيا البريطانية، الذي يواجه ثاني أكبر حرائق غابات على الإطلاق، إلى 33 درجة مئوية الخميس قبل وصول العواصف الرعدية وهطول أمطار غزيرة، اليوم الجمعة.