خلال شهر يوليو/تموز 1937، باشرت القوات اليابانية تدخلها بالأراضي الصينية معلنة بذلك بداية الحرب اليابانية الصينية الثانية التي استمرت لحين استسلام اليابان بالحرب العالمية الثانية. وقبيل عام ونصف من اندلاع هذا النزاع الذي أسفر عن سقوط حوالي 20 مليون قتيل، كانت إمبراطورية اليابان على موعد مع محاولة انقلابية عسكرية قادتها مجموعة متعصبة من الجيش طالبت بإعادة السلطة للإمبراطور هيروهيتو (Hirohito) وإلغاء الديمقراطية الليبرالية والحد من نفوذ الزايباتسو (zaibatsu)، أي التجمعات الصناعية، وإنهاء تبعية وحاجة اليابان للدول الأجنبية.

تمرد في صفوف الجيش
خلال الساعات الأولى من يوم 26 فبراير/شباط 1936، انتشرت مجموعة عسكرية تكونت من حوالي 1400 فرد، بقيادة عدد من الضباط الشبان، بالعاصمة اليابانية طوكيو، وفي خضم هذه المحاولة الانقلابية، حاولت هذه المجموعة المسلحة السيطرة على مبان حكومية بارزة كمبنى البرلمان ووزارة الحرب ومقر الشرطة الرئيسي بطوكيو. وبالتزامن مع ذلك، اغتال أفراد هذه المجموعة المتعصبة عددا من الشخصيات السياسية اليابانية النافذة كالأميرال ورئيس الوزراء الأسبق سايتو ماكوتو (Saitō Makoto) ووزير المالية كوريكيو تاكاهاشي (Korekiyo Takahashi) والجنرال جوتارو واتانابي (Jōtarō Watanabe).

وأيضا، تعرضت منازل رئيس الوزراء الياباني كيسوكي أوكادا (Keisuke Okada) وبعض وزرائه لهجمات مماثلة حيث اندلعت اشتباكات مسلحة بالقرب منها أسفرت عن وقوع إصابات، وفي الآن ذاته، حاول هؤلاء المسلحون الاستيلاء على القصر الإمبراطوري إلا أنهم فشلوا في ذلك عقب اشتباكات عنيفة مع الحرس الإمبراطوري. وفي خضم هذه المحاولة الانقلابية، عاش جيش البر الياباني على وقع حالة من التخبط حيث تردد قادته في التحرك لقمع الحركة الانقلابية خوفا من إمكانية اندلاع حرب أهلية بالبلاد بسبب تأييد عدد من الجنرالات لتوجهات مجموعة الجنود المتمردين. ومن جهة ثانية، اتجهت سفن البحرية اليابانية للاقتراب من العاصمة طوكيو واضعة بذلك مباني المدينة في مرمى مدافعها. إلى ذلك، اتخذ الإمبراطور الياباني هيروهيتو القرار الحاسم فيما يخص هذه المحاولة الانقلابية. فمع مقتل عدد من أبرز مساعديه على يد القوات المتمردة، أمر الإمبراطور الياباني بالقضاء على هذه المجموعة المسلحة واصفا أفرادها بالخارجين عن القانون.

فشل التمرد وتدخل الإمبراطور
يوم 27 شباط/فبراير 1936، أعلن الإمبراطور هيروهيتو حالة الطوارئ بالعاصمة طوكيو، وباليوم التالي، وقّع الأخير أمرا دعا من خلاله جيش البر والبحرية للتدخل لوضع حد لهذه المحاولة الانقلابية. بدلا من المواجهة العسكرية، اتجه الجيش الياباني للاعتماد على العامل النفسي والبسيكولوجي لوقف الحركة الانقلابية، وانطلاقا من ذلك، ألقت طائرات الجيش الياباني منشورات تضمنت أوامر وقرارات الإمبراطور، الذي حظي بمكانة مقدسة لدى اليابانيين، على مواقع الجنود المتمردين.

وبسبب حالة الإنهاك والتعب التي عانوا منها، اتجهت أغلبية القوات المتمردة لإلقاء أسلحتها والاستسلام، ومع حلول مساء يوم 29 شباط/فبراير 1936، أقدم عدد من قادة الانقلاب على وضع حد لحياتهم بينما اعتقل البقية ليمثلوا أمام المحكمة العسكرية. بالفترة التالية، حصل 19 فردا من قادة الانقلاب على أحكام بالإعدام بينما نال 70 آخرون أحكاما بالسجن، من جهة ثانية، أجبر رئيس الوزراء كيسوكي أوكادا على الاستقالة. وبالأشهر التالية، تزايد نفوذ الجيش بالبلاد تزامنا مع رفع ميزانيته السنوية بشكل لافت للانتباه.