عقب حادثة اغتيال سيرغي كيروف (Sergei Kirov) سنة 1934، عاش الاتحاد السوفيتي ما بين عامي 1936 و1938 على وقع أهوال حملة التطهير العظيم التي أسفرت عن مقتل حوالي 700 ألف شخص. فقد طالت حملات الاعتقالات والإعدام، أثناء فترة "التطهير العظيم"، جميع الأشخاص الذين شكك ستالين وأفراد مفوضية الشعب للشؤون الداخلية في نواياهم. إضافة لقادة الجيش والمسؤولين السياسيين بالحزب الشيوعي والكفاءات والفلاحين، امتدت الملاحقات الأمنية لتطال العديد من العرقيات تخوف ستالين من دورها بالاتحاد السوفيتي.

الأمر رقم 00485
بدعوة من جوزيف ستالين وموافقة المكتب السياسي للحزب الشيوعي يوم 9 آب/أغسطس 1937، وقع المسؤول بجهاز مفوضية الشعب للشؤون الداخلية نيقولاي يجوف (Nikolai Yezhov) على مسودة الأمر رقم 00485 المتعلقة بإبادة المجموعات البولندية المقيمة على الأراضي السوفيتية والمتهمة بالتجسس والتخابر مع الفاشيين والنازيين. وبتصريحاته لرفاقه بالحزب الشيوعي، أكد ستالين على ضرورة التخلص من البولنديين لمصلحة الاتحاد السوفيتي. أما الفترة التالية، فعمّم الأمر رقم 00485 على مختلف مراكز مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بالاتحاد السوفيتي. وبالتزامن مع ذلك، طولبت هذه المراكز بإعداد قوائم محلية بأسماء السكان ذوي الأصول البولندية الذين حامت الشكوك حول أنشطتهم.

111091 محكوم بالإعدام
بناء على ذلك، باشرت وحدات مفوضية الشعب للشؤون الداخلية باعتقال البولنديين ذوي الميول القومية المعادية للاتحاد السوفيتي والمهاجرين الذين غادروا الجمهورية البولندية الثانية. وقد امتدت الحملة الأمنية لتطال اللاجئين السياسيين ورجال الدين ذوي الأصول البولندية إضافة لأسرى الحرب البولندية السوفيتية الذين فضّلوا فيما بعد الاستقرار بالاتحاد السوفيتي.

دليل الهاتف
وحسب سجلات مفوضية الشعب للشؤون الداخلية، صدرت أحكام بإعدام 111091 بولندي مقيم على الأراضي السوفيتية بعد اتهامهم بالتخابر مع بولندا. فضلا عن ذلك، نفي حوالي 28 ألف بولندي آخر نحو مراكز العمل القسري، المعروفة بالغولاغ، بسيبيريا. من ناحية أخرى، هجّرت السلطات السوفيتية زوجات البولنديين المعتقلين نحو مناطق نائية من كازاخستان لفترات تراوحت بين 5 و10 سنوات. في المقابل، أرسل أطفال البولنديين المحكومين بالإعدام لدور اليتامى حيث تلقوا تعليما سوفيتيا صارما سعت من خلاله موسكو لطمس هويتهم البولندية. يذكر أن أفراد مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بمدينة لينينغراد، عمدوا لمراجعة دليل الهاتف. وانطلاقا من الأرقام وأسماء أصحابها، باشرت مفوضية الشعب للشؤون الداخلية باعتقال كل من حمل لقبا بولنديا. وبتلك الفترة، قدّر عدد المعتقلين بلينينغراد بحوالي 7 آلاف شخص أعدم جلهم بالعشرة أيام التالية.

نننن