مسلسلات رمضان 2024
"موسكو الجديدة"..هكذا حاولت روسيا احتلال إفريقيا سابقاً
27/10/2022

بسبب تحرك نيقولاي أشينوف، اندلعت أزمة بين روسيا وفرنسا انتهت باستنكار القيصر الروسي لحادثة رفع علم بلاده على ممتلكات فرنسية خلال القرن التاسع عشر، تحولت القارة الإفريقية لموقع صراع بين مختلف القوى الأوروبية التي تسابقت للظفر بأكبر عدد ممكن من المستعمرات بها. وفي خضم هذا الصراع، ذهل الفرنسيون عام 1889 عند مشاهدتهم لفرق قوزاق روسية بخليج تجرة، جيبوتي حاليا، المطل على مضيق باب المندب. بدون إعلان حرب، دخل الروس هذا الموقع، الذي كان قابعا تحت الحماية الفرنسية، وأعلنوه جزءا من الإمبراطورية الروسية.

ويعود الفضل في هذا التدخل الروسي بالمنطقة للعسكري نيقولاي أشينوف (Nikolai Ashinov)، المولود بمدينة تساريتسين (Tsaritsyn) عام 1856، الذي أقنع المسؤولين الروس بإمكانية تدخل بلادهم واحتلالها لإثيوبيا بسهولة. خلال شبابه، انتقل الأخير للعيش بالعاصمة سانت بطرسبرغ. وهنالك، أوهم أشينوف، المواطنين بكونه قائدا من قادة القوزاق بمناطق واقعة ببلاد فارس والدولة العثمانية، متجنبا بذلك الحديث عن موطن القوزاق الروس قرب نهري الدون وقوبان. من ناحية أخرى، تحدث نيقولاي أشينوف عن تهجير شعبه بين أراضي أرمينيا وكردستان والأناضول بسبب الحروب السابقة، مؤكدا على ولائه لروسيا واستعداد شعبه للقتال لصالح القيصر ألكسندر الثالث. وبفضل هذه الحيل، تقرب أشينوف من نبلاء وشخصيات نافذة بسانت بطرسبرغ. وبالتزامن مع ذلك، حاول هذا الرجل الروسي جاهدا لقاء القيصر ألكسندر الثالث مهددا بتقديم خدمات شعبه للبريطانيين في حال رفض السلطات الروسية الإنصات له.

وخلال لقاءاته المتكررة بالنبلاء الروس، قدّم أشينوف مقترحا أثار اهتمام الجميع. وبدل الهيمنة على البحر الأسود، عرض الأخير فكرة هيمنة الإمبراطورية الروسية على إفريقيا ومضيق باب المندب الحيوي للتجارة العالمية. ولتحقيق مبتغاه، تحدث أشينوف عن إمكانية حصول روسيا على موطئ قدم بإثيوبيا التي وصف إمبراطورها، عقب زيارة قام بها لإثيوبيا عام 1888، يوحنس الرابع (Yohannis IV) بالقيصر الإثيوبي صديق الروس.

موسكو الجديدة
عام 1888، وافق القيصر ألكسندر الثالث على مقترح أشينوف. ولتجنب حدوث أزمة مع إيطاليا وفرنسا اللتين توسعتا بهذه المناطق الإفريقية، وصف القيصر الروسي بعثة أشينوف بغير الرسمية. مرفقا بنحو 150 من الجنود الذين انتدبهم من أوديسا، حل أشينوف يوم 9 يناير 1889 بخليج تجرة أين التقى بأحد السلاطين المحليين الذين وافقوا على منحه قطعة أرض للاستقرار بها رفقة جنوده. وعلى أحد الحصون المصرية القديمة بالمنطقة، رفع أشينوف العلم الروسي معلنا عن نشأة مستعمرة موسكو الجديدة.

وفي غضون ذلك، استغرب الفرنسيون، الذين احتلوا المنطقة منذ فترة واشتروا الحصن المصري القديم، من وجود الروس ورفعهم لعلم بلادهم على ممتلكات فرنسية. وأمام هذا الوضع، اقتربت سفن حربية فرنسية من الحصن وطالبت أشينوف بإنزال العلم الروسي والرحيل. على الساحة الأوروبية، أثارت هذه الحادثة أزمة بين الروس والفرنسيين. وردا على ما اقترفه أشينوف، تبرأ القيصر الروسي ألكسندر الثالث من الحادثة حاثا الفرنسيين على التصرف بما يحلو لهم لاستعادة ممتلكاتهم. مطلع شهر شباط/فبراير 1889، فتح الفرنسيون نيران مدافعهم تجاه الفرقة الروسية التي سرعان ما عجّلت بالاستسلام عقب مقتل عدد من أفرادها. وعلى إثر اعتقالهم، سلّم أشينوف رفقة جنوده للسلطات الروسية التي لم تتردد في نفيهم نحو مناطق نائية من البلاد. وفي الأيام التالية، نشرت الصحف الروسية مقالات تحدثت من خلالها عن تحرك أشينوف بشكل منفرد لتقويض السلام بين روسيا وفرنسا.