يوم 27 يوليو 1953، تابع العالم عن كثب عملية توقيع اتفاقية الهدنة، التي وضعت حدا للحرب الكورية المستعرة منذ عام 1950 والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن مليوني شخص. فيما خلقت هذه الاتفاقية منطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، واعتمدت خط العرض 38 للفصل بين كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية. ومنذ ذلك الحين، لم يوقع الطرفان على أية اتفاقية سلام رسمية. وبين الفينة والأخرى، شهدت المنطقة تصعيدات خطيرة ومناوشات كادت أن تسفر عن عودة العمليات القتالية. وعام 1998، بلغت حدة التوتر أشدها عقب استيلاء كوريا الجنوبية على غواصة كورية شمالية دخلت مياهها الإقليمية لأغراض تجسسية.

غواصة بشباك الصيد
منذ نهاية الخمسينيات، شهد مجال صيد السمك بكوريا الجنوبية تطوراً ملحوظاً، حيث ارتفع عدد الصيادين بشكل لافت للانتباه مقارنة بالسابق. وقد مثل سمك الأنقليس أشهر الأسماك التي أقبل الصيادون الكوريون الجنوبيون على اصطيادها. إلى ذلك، تسبب الصيادون الكوريون الجنوبيون في خلافات مع جمهورية الصين الشعبية التي تحدثت لأكثر من مرة عن قيام صيادين كوريين جنوبيين بدخول مياه متنازع عليها وعدم وجود اتفاقية لضبط عمليات صيد السمك بالمنطقة.

وخلال صيف عام 1998، حققت باخرة صيد كورية جنوبية صيداً ثميناً وفريداً من نوعه بلغ وزنه 110 أطنان. فبالقرب من ميناء سوكوتشو (Sokcho) الكوري الجنوبي، علقت غواصة كورية شمالية من صنف يوغو (Yugo) بشباكها وعجزت عن تخليص نفسها بلقطة أثارت ذهول الصيادين الكوريين الجنوبيين الذين عجزوا بادئ الأمر عن تحديد الجسم الذي علق بشباكهم. وبشكل يائس، طفت الغواصة الكورية الشمالية للسطح ليخرج أفراد طاقمها منها ويباشروا بقطع الشباك أملاً في تخليصها. لكن ولسوء حظهم، تعطل محرك الغواصة التي ظلت حبيسة الشباك الكورية الجنوبية.

جثث مرمية بالرصاص
تزامناً مع حلول مروحيتين كوريتين جنوبيتين على عين المكان، باشرت باخرة الصيد بسحب الغواصة الكورية الشمالية نحو ميناء سوكوتشو. غير أنه وبشكل مفاجئ، غاصت الأخيرة مع طاقمها يوم 22 يونيو 1998 لتغرق وتستقر بعمق 30 متراً. وخلال الأيام التالية، أعلنت سلطات كوريا الشمالية بمؤتمر صحافي عن فقدانها لإحدى غواصاتها أثناء التدريبات. لاحقاً، تمكنت كوريا الجنوبية من استخراج الغواصة الشمالية. ومع فتحها، فوجئ الجميع بوجود جثث 9 جنود كوريين شماليين، 5 بحارة و4 من أفراد القوات الخاصة الكورية الشمالية، مقتولين رمياً بالرصاص.

وعقب جملة من التحقيقات، أكدت السلطات الكورية الجنوبية على قيام أفراد القوات الخاصة الكورية الشمالية بإعدام رفاقهم البحارة قبل أن ينتحروا عن طريق إطلاق النار على رؤوسهم. وقد أقدم أفراد القوات الخاصة على ذلك لتجنب وقوع طاقم الغواصة بالأسر وإفصاحهم عن معلومات حساسة تخص البحرية الكورية الشمالية. وخلال الأيام التالية، دفن طاقم الغواصة الكورية الشمالية بمدينة باجو (Paju)، بمقبرة ضمت جثث جنود كوريين شماليين وصينيين، تزامناً مع رفض سلطات كوريا الشمالية استعادتها.