مسلسلات رمضان 2024
بعد أن كافأهم.. هكذا عاقب هتلر الصينيين المقيمين بألمانيا!
25/08/2022

يوم 23 آب/أغسطس 1914، أعلنت اليابان الحرب الإمبراطورية الألمانية لتدخل بذلك الحرب العالمية الأولى بجانب كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا. وخلال الأشهر الأولى من الحرب، تمكنت اليابان من انتزاع المستعمرات الألمانية بالمحيط الهادئ تزامنا مع نجاحها في إخضاع المناطق الصينية القابعة تحت النفوذ الألماني منذ القرن التاسع عشر كإقليم شاندونغ (Shandong). ومستغلة تفوقها العسكري، فرضت اليابان عام 1915 اتفاقية مذلة على الصينيين حصلت بموجبها على امتيازات إضافية بالأراضي الصينية.

مع نهاية الحرب العالمية الأولى، أسفر مؤتمر فرساي للسلام، الذي كرّس هزيمة الألمان وأجبرهم على تقديم تعويضات وتنازلات كبيرة، عن ظهور سياسة تقارب ألمانية صينية. لكن مع صعود النازيين وتوليهم لمقاليد الحكم، لقي الصينيون المقيمون بألمانيا معاملة سيئة سرعان ما أثرت على وجودهم بالبلاد.

بعد أن كافأهم.. هكذا عاقب هتلر الصينيين المقيمين بألمانيا! صورة رقم 1
صورة لرينهارد هايدريش

المجتمعات الصينية بألمانيا

ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، استقر عدد من الصينيين، كان أغلبهم من البحارة القادمين من إقليمي غوانغدونغ (Guangdong) وجيجيانغ (Zhejiang)، بمدن ألمانية كهامبورغ وبريمن وبرلين واتجهوا لتشكيل مجتمعات صينية صغيرة بها.

في هذا السياق، مثل الصينيون المقيمون بحي سانت باولي (St. Pauli)، بهامبورغ، والمقدر عددهم بألفي نسمة أكبر مجتمع صيني بألمانيا من حيث عدد السكان. وقد امتهن هؤلاء العديد من المهن فعملوا بمجالي الصناعة والترفيه وتمكنوا من فتح حانات ومقاه ومطاعم صينية. وبالتزامن مع ذلك، اتجه بعضهم للعمل بمجالات أخرى ممنوعة كتجارة الأفيون وتهريب السلاح.

بعد أن كافأهم.. هكذا عاقب هتلر الصينيين المقيمين بألمانيا! صورة رقم 2
أدولف هتلر أثناء تفقده لعدد من قوات الأس أس

وأثناء فترة جمهورية فيمار (Weimar) خلال العشرينيات، سجلت برلين ظهور نخبة مثقفة من الصينيين الذين ارتادوا الجامعات الألمانية واعتمدوا توجهات يسارية. ومن ضمن هؤلاء يذكر التاريخ عددا من المسؤولين السياسيين البارزين بجمهورية الصين الشعبية، التي نشأت عام 1949 على يد ماو تسي تونغ، كتشو دي (Zhu De) ولياو تشانغزي (Liao Chengzhi) وتشو إنلاي (Zhou Enlai).

بعد أن كافأهم.. هكذا عاقب هتلر الصينيين المقيمين بألمانيا! صورة رقم 3
صورة لاستعراض عدد من أفراد فرق الأس أس

هتلر والصينيون

مع حصوله على مقاليد الحكم بألمانيا بداية من العام 1933، فضّل أدولف هتلر الإبقاء على المجتمعات الصينية بألمانيا. وفي الآن ذاته، أعلن القائد النازي عن إعجابه بالثقافة الصينية مانحا الصينيين صفة "الآريين" الفخرية. وبعد مضي أشهر قليلة، باشرت قوات الغيستابو (Gestapo) الألمانية بملاحقة الناشطين السياسيين الصينيين المؤيدين للتيارات الشيوعية.

لاحقا، توسعت دائرة الملاحقات لتطال النسبة الكبرى من الصينيين المقيمين بألمانيا حيث تعرض هؤلاء لمضايقات ووضعوا تحت رقابة أمنية مشددة. ويوم 25 يناير 1938، بعث الألمان هيئة مركز الصينيين، التي ترأسها المسؤول بفرق الأس أس (SS) والشرطة رينهارد هايدريش (Reinhard Heydrich)، لمراقبة حجم الصينيين المقيمين بألمانيا وتحركاتهم.

بعد أن كافأهم.. هكذا عاقب هتلر الصينيين المقيمين بألمانيا! صورة رقم 4
صورة تجمع بين هنريش هملر ورينهارد هايدريش

أمام هذا الوضع، حبّذ عدد كبير من الصينيين مغادرة الأراضي الألمانية. وبينما عاد بعضهم للصين، اتجه آخرون نحو إسبانيا للمشاركة بالحرب الأهلية. وخلال الأيام القليلة التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الثانية، تراجع عدد الصينيين المقيمين بألمانيا لأقل من ألفي نسمة.

مع إعلان السلطات الصينية الحرب على ألمانيا عقب هجوم بيرل هاربر سنة 1941، باشرت ألمانيا بحملة واسعة لملاحقة واعتقال الصينيين المقيمين على أراضيها ليجد بذلك عدد من الصينيين أنفسهم بمراكز الاعتقال والعمل القسري التي أدارتها فرق الأس أس. مع نهاية الحرب العالمية الثانية، اختفت جميع المطاعم الصينية بهامبورغ. وفي الآن ذاته، زالت المجتمعات الصينية التي ظهرت سابقا بكل من هامبورغ وبريمن وبرلين.