أواخر الحرب العالمية الثانية، مرت مناطق الشرق الهولندي بأزمة إنسانية، بسبب النقص الفادح في الغذاء. وخلال تلك الفترة، وجد ما يزيد عن 3 ملايين هولندي ممن بقوا في المناطق القابعة لسيطرة الألمان أنفسهم في مواجهة مجاعة، أسفرت عن وفاة 22 ألفا منهم كان جلهم من الأطفال وكبار السن.

قنوات اتصال
أمام هذا الوضع الإنساني السيئ، اتجه الحلفاء للتحرك أملا في تزويد الهولنديين العالقين بالمناطق الألمانية بالغذاء الكافي.

مفاوضات بين ألمانيا والحلفاء
وراسل الأمير الهولندي، برنهارد، قائد قوات الحلفاء دوايت أيزنهاور والرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ليطلعهم على حجم الأزمة الإنسانية، أملا في التفاوض مع الألمان للحصول على هدنة إنسانية. كما تلقى المسؤولون بالجيشين الأميركي والبريطاني أوامر بالاستعداد لوضع خطط لمساعدة الهولنديين. مع حصولهم على الضوء الأخضر، فتح المسؤولون الأميركيون والبريطانيون قنوات اتصال مع المسؤول الألماني بهولندا آرثر زايس إنكفارت (Arthur Seyss-Inquart). وأسفرت المفاوضات حينها عن حصول الحلفاء على وعود ألمانية، بعدم استهداف أية طائرة تابعة للحلفاء ستشارك بهذه المهمة الإنسانية التي ستزود من خلالها هولندا بالغذاء.

مساعدات شملت حتى الشوكولاتة
وحملت المهمة الإنسانية الأولى بهولندا اسم مانا (Manna). ويوم 29 نيسان/أبريل 1945، أقلعت أول قاذفة قنابل بريطانية، حملت اسم باد بيني (Bad Penny)، من نوع أفرو لانكسنتر (Avro Lancaster) صوب الأراضي الهولندية لتلقي، عبر الجو، الغذاء للهولنديين. وخلال الأيام التالية، قامت قاذفات القنابل البريطانية بما يزيد عن 3300 طلعة جوية فوق الأراضي الهولندية ألقت خلالها آلاف الأطنان من المواد الغذائية فوق كبرى المدن كأمستردام وروتردام ولاهاي. كما تكونت حمولة هذه الطائرات البريطانية أساسا من الطعام المعلب والمجفف والشكولاتة.

وأثناء هذه العملية، آمن الحلفاء بقيام الهولنديين بجمع المواد الغذائية وتخزينها قبل إعادة توزيعها حسب نظام الحصص، والحاجيات الغذائية، فيما بينهم. وفي الأثناء، لم يتمكن بعض الهولنديين من التماسك عند مشاهدتهم للغذاء. وبسبب ذلك، اندلعت بعض أعمال العنف وسجلت حالات إصابة بمتلازمة إعادة التغذية لدى عدد من الهولنديين الذين أقبلوا على تناول الطعام حال نزوله دون الاكتراث لحالاتهم الصحية ومعاناتهم من الجوع طيلة الأيام السابقة.

من جانب آخر، أجرى الأميركيون، ضمن عملية شوهاوند (Chowhound)، 2268 طلعة جوية فوق الأراضي الهولندية بداية من مطلع أيار/مايو 1945. وأثناء هذه العملية، تكفلت الطائرات الأميركية بإلقاء ما يزيد عن 4 آلاف طن من الغذاء للهولنديين. يشار إلى أن هذه العملية الإنسانية الأميركية البريطانية ساهمت في تخفيف حدة المجاعة بالأراضي الهولندية التي ضلت قابعة بقبضة الألمان لحين نهاية الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية، تزامنا مع سقوط برلين واستسلام ألمانيا.