"غاري ريدجواي" اسم أرعب سكان واشنطن عدة سنوات، وتحديداً نساءها، فعلى مدار 6 سنوات قام هذا الرجل باغتصاب عشرات النساء وقتلهن. إذ أثارت جرائم غاري ريدجواي الرعب في قلوب سكان ولاية واشنطن الأمريكية (بين عامي 1982 - 1988) لقتله على الأقل 49 امرأة، مع توقعات أن تكون ضحاياه وصلن لـ71 امرأة، وإذا صح ذلك فإنه قد يكون واحداً من أعتى القتلة في التاريخ الأمريكي وأكثرهم وحشية.

غاري ريدجواي: القاتل المتسلسل الذي استعانت الشرطة بقاتل متسلسل للقبض عليه!

القاتل المتسلسل غاري ريدجواي كان مختلفاً عن كثير من القتلة الذين عرفتهم أمريكا، إذ كان يتفاخر بقدرته على خنق ضحاياه، ثم مجامعة جثثهن بدم بارد، بدلاً من إيجاد ضحايا جدد لاغتصابهن وقتلهن. الغريب أيضاً أن الشرطة تمكنت من القبض على هذا القاتل بمساعدة أحد القتلة المتسلسلين في مدينة واشنطن، إذ استعانت بالقاتل تيد باندي الذي كان مسجوناً لديها من أواسط الثمانينات لتوقع بقاتل النساء.

رغم أن طفولته ونشأته كانت تبدو عادية على الأقل منذ ولادته (1949) وحتى بلغ الـ15 من عمره، حينما قام بطعن صبي فقط لأنه شعر بفضول لمعرفة "كيف يكون الطعن"، لكنه ظل يمارس حياته بشكل طبيعي حتى سن الـ20، حيث أتم دراسته الثانوية والتحق بالبحرية لسنتين (وانتقل من ولايته يوتا إلى ولاية سياتل)، بعد ذلك بقليل حصل على وظيفة في طلاء الشاحنات، وظل يعمل بها لنحو ثلاثة عقود.

لكن على الجانب الآخر، كانت هناك حياة مظلمة يعيشها غاري، إذ ارتكب جريمته الثانية بخنق عاملة "علاقات حميمية"، لكنه اعتقل في هذه الجريمة، وبعد إطلاق سراحه بدأت جرائمه تأخذ منحى أكثر إجرامية. لكن في الحقيقة، يشاع أيضاً أن خنق العاملة كان الجريمة الثالثة، وأنه قتل فتاة في الـ16 من عمرها عام 1982، حينما كانت هاربة من الملجأ الذي تُقيم فيه.

جرائم غاري ريدجواي ضد النساء

في معظم جرائم غاري اللاحقة كان يستهدف الفتيات الهاربات، أو عاملات العلاقات الحميمة اللواتي يتعامل معهن باعتباره زبوناً ويستدرجهن لسيارته قبل أن ينخرط معهن في نشاط حميمي ويخنقهن حتى الموت في منتصف الجماع، ثم يلقي بجثثهن في غابات مشجرة. وكان يضلل الشرطة بين الحين والآخر بإلقاء الجثث في أماكن مختلفة، أو مسحها بالعلكة وأعقاب السجائر رغم أنه ليس مدخناً ولا يمضغ العلكة.

كرر غراي جرائمه 49 مرة على الأقل، وقد يكون العدد وصل لـ71، فحتى القاتل نفسه لا يعرف؛ إذ قال في التحقيقات: "قتلت العديد من النساء، حتى إنني أجد صعوبة في حصرهن". دافع القتل كان أكثر غرابة من كل هذه التفاصيل المرعبة، إذ أخبر المحققين أنه كان يشعر بانجذاب حميمي تجاه أمه، إذ كان يعاني من مشكلة مع التبول في سريره حتى سنوات مراهقته الأولى، وأنه يتذكر بوضوح مشهد أمه بينما تغسل أعضاءها التناسلية بعدما بلل سريره ذات ليلة، لكنه لم يقُم بأي فعل عنيف أو حميمي تجاه أمه.

كيف قبض على قاتل متسلسل بمساعدة زميل مهنته؟

كان فريق التحقيقات يجري مقابلات مع أطباء نفسيين لمحاولة فهم دافع الجريمة، ويبدو أن المقابلة مع القاتل المتسلسل تيد بوندي ساعدته في حل اللغز أيضاً. بالمناسبة؛ حسب أحد المحققين فقد طلب بوندي التطوع في المشاركة بالتحقيقات، وقد كان هذا الطلب من مسجون محكوم عليه بالإعدام في قضايا قتل واغتصاب وسطو أمراً غريباً لكنه مفيد أيضاً لفهم سلوك القتلة.

فاستطاع هذا القاتل تحليل أن القاتل الذي تبحث عنه الشرطة لا يشعر بأي ندم تجاه ضحاياه، بل كان يشعر بالفخر بما ارتكبه من جرائم، وهو ما كان يشترك فيه القاتلان، لذلك توقع بوندي أن يكون غاري يعود إلى مواقع جرائمه لتفحص ضحاياه وربما مضاجعتهن. وبالفعل؛ قرر المحققون نصب كمين لغراي من هذه الفكرة، إذ تركوا قبر إحدى ضحاياه مفتوحاً، وعاد القاتل لزيارة ضحيته لتتمكن الشرطة من جمع العينات اللازمة لجمع الأدلة عن هوية القاتل.

لكن الشرطة لم تستطع القبض عليه قبل عام 2001، وذلك للاشتباه في قتله 4 نساء، قبل أن تُثبت عينات الحمض النووي الخاصة به صلةً له بهن، ثم كشفت تحقيقات الطب الشرعي في وقت لاحق أن نفس بخَّاخ الطلاء الذي كان ريدجواي يستخدمه في إحدى فورات جرائمه كان موجوداً في مسرح جرائم أخرى، وهكذا أُضيفت جرائم القتل هذه إلى قائمة التهم.

لكن الجانب الآخر من حياته كان مستقراً لدرجة أنه تزوج 3 مرات!

ريدجواي لم يحافظ على شغل وظيفة ثابتة لمدة 30 عاماً فحسب، بل تزوج أيضاً 3 مرات. وقد صُدمت زوجته الثالثة جوديث موسون صدمةً هائلة عندما عرفت تاريخه الطويل من الاغتصاب والقتل وجماع الموتى، إذ لم يكن لديها أي فكرة سابقة عن جرائمه إلا بعد القبض عليه، حتى إنها كانت تصفه بـ"الزوج المثالي"، كما كان يعاملها معاملة "المتزوجين حديثاً" حتى بعد أن ظلوا معاً لمدة 17 عاماً، لكنها طلبت الطلاق مع بدء محاكمته.

مع ذلك، اعترف ريدجواي لاحقاً أن فكرة قتل موسون نازعته، لكنه تراجع فقط لأن قتل زوجته كان يُتوقع أن يزيد الشكوك حوله ومن ثم احتمال القبض عليه. وللغرابة، فقد اعترف أيضاً أنه كان يحبها، كما انخفض معدل قتله بعد زواجهما لكنه لم يتوقف. بحلول وقت محاكمته، كان غاري يواجه اتهامات بارتكاب 48 جريمة قتل. ولكي يحصل على عقوبة السجن المؤبد بدلاً من الإعدام، وافق قاتل النساء المتسلسل على التعاون بالكشف عن أماكن رفات ضحاياه.

بعد تعاونه، حُكم عليه 48 حكماً بالسجن المؤبد. ثم أُضيفت عشر سنوات على كل حكم بتهمة التلاعب بالأدلة. وكانت حصيلة ذلك زيادة مدة سجنه الإجمالية بمقدار 480 سنة إضافية، لكن في عام 2011، عُثر على جثة أخرى ربطتها الأدلة بريدجواي، ما أضاف عقوبة أخرى بالسجن مدى الحياة إلى الأحكام الصادرة بسجنه.

مع انتهاء محاكمته، كان غاري اعترف بجرائم قتل مع سبق الإصرار أكثر من أي قاتل متسلسل آخر في تاريخ أمريكا حتى هذا الوقت، وادَّعى أن قتل هؤلاء النسوة كان "مهنته" الحقيقية. لا يزال غاري حياً إلى الآن، إذ يبلغ عمره 72 عاماً، لكن يفترض أن يقضي بقية حياته خلف القضبان.