يوم 23 أغسطس 1939، ذهل العالم عند سماعه بخبر إبرام ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي معاهدة عدم اعتداء لقّبت باتفاقية مولوتوف ريبنتروب (Molotov–Ribbentrop) نسبة لوزير الخارجية السوفيتي فياشيسلاف مولوتوف (Vyacheslav Molotov) ونظيره الألماني يواخيم فون ريبنتروب (Joachim von Ribbentrop). إلى ذلك، تضمّنت هذه الاتفاقية بنودا سرّية اتفق من خلالها الألمان والسوفيت على تقاسم أراضي بولندا. فضلا عن ذلك، تعهّد القائد السوفيتي جوزيف ستالين بتزويد النازيين بنسبة كبيرة من الحبوب والمواد الأولية، كالحديد والنفط، لدعم آلة الحرب الألمانية أثناء عملياتها العسكرية بأوروبا.
صورة لعدد من الطائرات الحربية البريطانية بالحرب العالمية الثانية
الغزو السوفيتي لفنلندا
على إثر بداية الغزو الألماني للأراضي البولندية يوم 1 سبتمبر 1939 وتنفيذ ما جاء بمعاهدة مولوتوف ريبنتروب، تخوّف البريطانيون والفرنسيون من التقارب الألماني السوفيتي غير المتوقع حيث أعرب المسؤولون بكل من فرنسا وبريطانيا عن قلقهم الشديد من إمكانية تزويد ستالين للنازيين بالمواد الأساسية اللازمة لشن أعمال عسكرية أخرى بأوروبا قد تطال الأراضي الفرنسية والبريطانية.
من جهة أخرى، استشاطت بريطانيا وفرنسا غضبا تزامنا مع بداية حرب الشتاء خلال شهر ديسمبر 1939 التي عمد خلالها الاتحاد السوفيتي للتدخل ضد فنلندا. وأملا في مواجهة التقدم السوفيتي بالشمال، وضعت بريطانيا وفرنسا بادئ الأمر خطة للتدخل بكل من السويد والنرويج وفنلندا وملء بحر البلطيق بالألغام البحرية. وقد أيّد عدد من العسكريين هذه الخطة مؤكدين على أهميتها لمنع الألمان من الوصول لمناجم الحديد السويدية مستقبلا.
منشآت نفطية مدمرة واقتصاد منهار
خلال الأشهر التالية، تخلت بريطانيا وفرنسا عن هذا الخيار. وبدلا من ذلك، لاحظ الطرفان بناء على عدد من التقارير الاستخباراتية العسكرية، اعتماد الاتحاد السوفيتي بشكل كبير على نفط منطقة باكو (Bakou) بمختلف مجالاته الحيوية، كما تحدّثوا عن تصدير ستالين لنسبة هامة من محروقات هذه المنطقة لدعم آلة الحرب الألمانية.
صورة لقاذفة قنابل بريطانية من نوع أفرو لانكستر
وأملا في إعادة التوازن لأوروبا مجددا، وضع المسؤولون الفرنسيون بقيادة الجنرال موريس غاملان (Maurice Gamelin) خطة لاستهداف المنشآت النفطية السوفيتية بباكو عن طريق غارات جوية مكثفة حيث ستنطلق الطائرات الفرنسية من قواعدها بسوريا لتستهدف بقنابلها نفط باكو.
من ناحية ثانية، تحدّثت التقارير الفرنسية عن إمكانية انهيار الجيش والاقتصاد السوفيتي بسبب ذلك حيث يعتمد ستالين على نفط باكو بشكل كبير لتحريك آلياته العسكرية كما يزود نفط هذه المنطقة الفلاحين السوفيت بحاجياتهم لتحريك آلاتهم ومعداتهم الفلاحية. وبناء على ذلك، توقّع الفرنسيون أن يتسبب خراب المنشآت النفطية بباكو في انتشار المجاعة بالاتحاد السوفيتي الذي سينهار أكثر من 90 بالمئة من اقتصاده بشكل سريع. أيضا، تفاءل الفرنسيون بإمكانية تعطّل جهود الحرب الألمانية بأوروبا حيث سيجرد قصف باكو الألمان من جانب هام من المحروقات.
صورة لوزير الخارجية الألماني فون ريبنتروب
إلغاء الخطة
مع نهاية حرب الشتاء، انطلقت التحضيرات البريطانية الفرنسية بشكل جدّي لاستهداف نفط باكو. وبناء على خطة بايك (Pike) التي وضعها الطرفان، كان من المقرر أن تنطلق الطائرات البريطانية والفرنسية من قواعدها بإيران وسوريا لتشن غارات مكثفة باستخدام القنابل الحارقة على المنشآت النفطية السوفيتية بباكو وباطوم وغروزني لشل الإتحاد السوفيتي.
إلى ذلك، تردد البريطانيون في تنفيذ هذه العملية العسكرية حيث تخوّف المسؤولون حينها من إمكانية ظهور تحالف ألماني سوفيتي بأوروبا. وخلال شهر مايو 1940، عرفت عملية بايك نهايتها وبقيت حبرا على ورق حيث أدى التدخل العسكري الألماني الخاطف ضد فرنسا لإلغاء خطة قصف منشآت النفط السوفيتية بالقوقاز.
صورة للجنرال موريس غاملان