مسلسلات رمضان 2024
"ساعة الخروج".. كيف عاشت لندن "أهم لحظة بتاريخها الحديث"؟
01/02/2020

في الساعة الحادية عشرة من ليل الجمعة في لندن لم تدقّ ساعة بيغ بن الشهيرة كونها تخضع للصيانة، لكنّ الآلاف من مؤيّدي بريكست احتشدوا أمام مبنى البرلمان، حيث احتفلوا على وقع التصفيق والنشيد الوطني بخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. وقبل 30 من حلول الحادية عشرة ليلاً بالتوقيت المحلّي (منتصف الليل بتوقيت بروكسل) بدأ المحتشدون حول قصر ويستمنستر، مقرّ البرلمان البريطاني، العدّ التنازلي ليعلو في نهايته التصفيق والهتاف وصيحات الفرح، مصحوبة بإطلاق بالونات في السماء وتبادل العناق.

وردّد مؤيّدو بريكست، الذين رفعوا الأعلام البريطانية والإنجليزية كلمات النشيد الوطني "ليحفظ الله الملكة" التي عرضت أمامهم على شاشة عملاقة، قبل أن يطلقوا العنان للألعاب النارية. وقالت كارين أولرتون، المتقاعدة البالغة من العمر 65 عاماً، التي جاءت من شمال إنجلترا خصيصاً للاحتفال بهذه المناسبة التاريخية "هذا أمر رائع للغاية".

وأضافت هذه المرأة (كارين أولرتون) التي صوّتت منطقتها بقوّة لصالح بريكست في استفتاء 2016، كونها تعتبر من أكثر المناطق المحرومة في البلاد، أنّ "التفاؤل يسود في كل مكان حولنا. يمكننا العيش معاً بسلام وآمل أن يتم إبرام اتفاقات تجارية جيّدة" بين لندن وبروكسل.

أمّا رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي كان من أشدّ المؤيّدين لخروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، فحاول أن يظهر بمظهر الشخصية الجامعة في بلد تسبّب فيه ملف بريكست بشرخ عميق. واحتفل جونسون بوقوع الطلاق بين بروكسل ولندن بحفل استقبال متواضع بمقره في داونينغ ستريت.

ونظّم الحفل الجماهيري أمام مبنى البرلمان عتاة المتحمّسين لبريكست يقودهم نايجل فاراج، الذي خسر بخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي مقعده في البرلمان الأوروبي، لكنّه حقّق حلمه القديم. وقال فاراج في كلمة أمام الحشد إنّ "هذه أهمّ لحظة في التاريخ الحديث" للمملكة المتحدة، مضيفاً على وقع تصفيق شديد "لقد فعلناها (..) لقد انتصرت الديمقراطية".

وإذ كان عدد من مؤيّدي بريكست أحرقوا خلال النهار العلم الأوروبي، فإنّ الأجواء التي سادت احتفالات المساء تميّزت بالفرح والصخب. وقال جون موس، 44 عاماً، الذي جلب معه إلى الاحتفال زجاجة من النبيذ الفوّار إنّه فرح ببريكست "لكنّي لن أتوقّف عن شرب البيرة الألمانية!... نحن أحرار في الجانبين. يمكنهم تنفيذ مشروعهم الأوروبي"، وفق ما نقلت "فرانس برس". أما كوري، اللندني البالغ من العمر 29 عاماً، فقال "أنا سعيد لأنّ الأمر تمّ.. إنّه لأمر محزن بعض الشيء لأنّه كان بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يكون أفضل لو أنّه أولى مزيداً من الاهتمام لدوله الأعضاء".

بعد "الخروج" البريطاني.. ماذا سيحدث الآن؟

11 شهرا هي مدة المرحلة الانتقالية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد الانفصال الرسمي بينهما. مرحلة ستشهد مفاوضات، يتوقع كثيرون أن تكون طويلة وشائكة بين الطرفين بشأن العلاقات بينهما مستقبل، وقد تحتاج إلى تمديدها لتتجاوز الفترة المحددة. المفاوضات ستتناول أفق العلاقات الاقتصادية المتداخلة بين الطرفين، بما فيها شكل التعاون الجمركي وحرية التجارة وغيرهما.

ومن القضايا التي ستطرح في المفاوضات مصير إقامة وتنقل أكثر من 3 ملايين أوروبي يعيشون في بريطانيا، وأكثر من مليون بريطاني يعيشون ويعملون في دول الاتحاد الأوروبي. وستكون السياسات الدفاعية والأمنية المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي أيضاً من القضايا التي تقتضي تحديد شكل التعاون فيها مستقبلا.

قضية إيرلندا الشمالية التي كانت عقبة أساسية أمام التوصل لاتفاق بريكست، يُتوقع أيضاً أن تكون المفاوضات بشأن النظام الجمركي معها وتنقل الأشخاص، شائكة. مضيق جبل طارق كذلك من التحديات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، فهي منطقة تابعة للتاج البريطاني، لكنها محل خلاف مع إسبانيا.

ومن الصعب تصور شكل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي مستقبلا، خاصة ما تعلق منها بالتجارة والجمارك وتنقل الأشخاص. لكن البعض يرجح أن يسعى الطرفان إلى التوصل إلى اتفاق شبيه بالاتفاق الاقتصادي والتجاري الشامل بين الاتحاد الأوروبي وكندا.