قال الكاتب الإسرائيلي "ايلي بوديه" في مقال بصحيفة "هآرتس"، ان إسرائيل لا تسعى الى تحقيق السلام مع الفلسطينيين وجيرانها العرب وإن خطة ترامب للسلام محكوم عليها بالفشل، لعدة أسباب، في مقدمتها عدم تشاور الأمريكيين مع السلطة الفلسطينية، وكون "صفقة القرن" أحادية الجانب وتتبنى المواقف الإسرائيلية بشكل واضح، ولا تراعي حقوق الفلسطينيين. "صفقة القرن" تلك أبعد ما تكون عن طرح فرصة حقيقية للسلام.
وأضاف بوديه، وهو أستاذ في دائرة الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية بالقدس، إن غياب الفلسطينيين عن وضع الخطة خلق وضعًا مثل لعبة الشطرنج مع لاعب واحد، لافتا إلى أن إطلاق الخطة دون وجود ممثل فلسطيني هو شهادة على عدم رغبة الأخيرة في المشاركة في اللعبة.
وبحسب البنود التي ألقاها ترامب ونتنياهو أمس، فإن "صفقة القرن" ستعترف بإسرائيل دولة يهودية، والعمل على حل الدولتين، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، والاعتراف بسيادة إسرائيل على غور الأردن، وتقديم استثمارات بقيمة 50 مليار دولار للدولة الفلسطينية".
وحاول ترامب من خلال "صفقة القرن"، إغراء السلطة الفلسطينية برشوة 50 مليار دولار، على مدى عشر سنوات، إلا أنها -بحسب الكاتب الإسرائيلي- غير مضمونة ولن تشكل عاملًا حقيقيًا لقبول فلسطين بالصفقة.
وتوقع بوديه، أن تشتعل الأوضاع مرة أخرى في الضفة الغربية، وقد تقود لانتفاضة جديدة ضد دولة الاحتلال، فضلًا عن تصاعد العنف إذا قررت إسرائيل ضم غور الأردن وإقامة مستوطنات جديدة.
وأضاف أن الأردن سيواجه ضغوطًا كبيرة ولن يكون قادرًا على دعم خطة ترامب للسلام، نظرًا لاحتمالية أن تنتقل أعدادًا كبيرة من اللاجئيين الفلسطينيين إلى الأردن، وغضب المقيمين في البلد فعلًا ضد العاهل الملك عبد الله، ما قد يجعله لا يقبل بـ"صفقة القرن".
وفي ما يأتي نص مقال الكاتب إيلي بوديه وهو بعنوان: "عذرًا جاريد، هذه المرة الصفعة لن تصيب الفلسطينيين، ولكن أنت!":
"قد يكون السلام حلما - لكنه ليس حلمنا. لقد حان الوقت للاعتراف بحقيقة أن إسرائيل تستغل خطاب السلام، لكنها لا تفعل الكثير عملياً من أجل تحقيقه. ويحتاج كل من يتعلق بالمثل القائل اننا "لن نترك أي حجر من دون أن نقلبه" (بحثاً عن السلام) إلى النظر جيدا في المرآة. هل تعمل إسرائيل حقا بإصرار وثبات من أجل التوصل إلى السلام؟
الإعلان الذي صدر من قبل كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بأن الجهود الرامية لتجديد المفاوضات المباشرة قد فشلت، خلال أقل من ستة أشهر على إطلاقها في واشنطن، هو برهان مباشر على أن إسرائيل لا تقوم بذلك. هذه الدولة تستحق معظم اللوم: التاريخ لن يسامح أولئك الذين اعتبروا قضية تمديد تجميد البناء في المستوطنات، حتى لمدة ثلاثة أشهر، أكثر أهمية من استمرار المحادثات والتوصل إلى حل دبلوماسي.
يمكن للمرء بالطبع أن يلوم الرئيس الأميركي باراك أوباما على أساس أنه لم يضغط بما فيه الكفاية على الطرفين، خصوصاً إسرائيل، وأنه لم يستخدم القدرات الاقتصادية والسياسية المتاحة له من أجل "إقناعهما" بمنافع استمرار المحادثات. لكن التاريخ يعلمنا أن أي سلام أو حتى إطار عام للمفاوضات يمكن ان ينجح إلا إذا كان الطرفان المتحاربان على استعداد لإجراء حوار حقيقي.
ان السلام مع مصر والأردن، واتفاقات أوسلو والمحادثات التي جرت عبر السنين مع سوريا وأطراف أخرى حدثت وأحرزت تقدما بناء على مصالح الأطراف المتخاصمة نفسها، مع لعب القوى العظمى دور المستشار والوسيط. والدوافع التي يقدمها الوسيط تكون فعالة فقط في حال كانت الأطراف نفسها تنوي التوصل إلى اتفاق. لهذا فإن الطرفين المتخاصمين هما من يحمل اللوم، لكن ليس بدرجة متساوية.
ليس هناك شك في أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته هم المسؤولون بدرجة أكبرعن الفشل الأخير. رئيس الوزراء شخص من الصعب اقناعه: في الخطاب الذي ألقاه عند انطلاق المحادثات في واشنطن في أيلول (سبتمبر) الماضي، كرر نتنياهو مرتين العبارة التالية: "لقد هيأ لنا التاريخ فرصة نادرة لإنهاء الصراع بين شعبينا". كما أنه استخدم كلمة "سلام" 14 مرة خلال ذلك الخطاب.
وبينما يبدو من الواضح أن السياسييين يستخدمون الخطابات من أجل الترويج لبرامجهم، فإن هذه المعايير وهذه اللغة تخلق هالة من التوقعات بحيث أنها تؤدي، إذا لم تتحقق، إلى حالة من الإحباط وفي نهاية الامر الى انهيار. الى حد كبير يمثل نتنياهو وحكومته المجتمع الإسرائيلي اليوم.
استطلاعات الرأي العام تشير إلى تنامي التطرف، الذي يقرب من العنصرية، في آراء اليهود بشأن العرب، إضافة إلى النفور وعدم الثقة في أهداف ونوايا الطرف الآخر. وبالنظر الى هذه الظروف، لا عجب في أنه لا يوجد ضغط جماهيري على الحكومة كي تدفع عملية السلام الى الامام وانه لا يوجد رد فعل جماهيري مهم على الإعلان الدراماتيكي بأن المحادثات قد توقفت. عندما يتعلق الأمر بالسلام، يشبه موقف إسرائيل اليوم موقفها بعد حربي 1948 و1967: كانت هناك إمكانية لإجراء مفاوضات، لكن الثمن اعتبر كبيرا جدا.
الآن أيضا، يبدو أن الإبقاء على الأمر الواقع مفضل على إجراء تغييرات يعتبرها الإسرائيليون تهديدا، حتى وإن لم تكن تشكل بالضرورة خطرا حقيقيا. خلال العقد الماضي، واجهت إسرائيل عددا من المبادرات العربية: خطة سلام الجامعة العربية، العروض السورية للتفاوض، النية الفلسطينية للتقدم وحتى إعلانات معتدلة من جانب "حماس". وقد ردت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عليها جميعا بلا مبالاة وبرود (باستثناء الأيام الغابرة التي قضاها إيهود أولمرت رئيساً للحكومة).
لا يمكن فهم رد إسرائيل الفاتر على هذه المقترحات على أنه من قبيل الصدفة أو الظروف؛ إنه نمط سلوكي. اذ ان إسرائيل لم تقدم مباردتها الخاصة التي يمكن أن تشير إلى رغبتها في السلام. وهذا يقودنا إلى استنتاج حزين هو أن إسرائيل- حكومة وشعبا- ليس لديها اهتمام حقيقي بالسلام. انهم يصدرون أصوات سلام في احسن الحالات، لكن ذلك ليس كافيا".
اقرأ المزيد من التفاصيل عن "صفقة القرن" في موقع مسلسلات هنا: ترامب (يخترع) عاصمة لدولة فلسطين في صفقة القرن وهنا: مسؤول أمريكي يكشف تفاصيل (صفقة القرن) بين إسرائيل وفلسطين وهنا: أمريكا: لن نعرض (صفقة القرن) قبل انتخابات الكنيست! وهنا: كوشنر يزور "اسرائيل" لبحث توقيت نشر "صفقة القرن" وهنا: أبرز المحطات في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني خلال العقدين الماضيين وهنا: ترامب يكشف موعد إعلان (صفقة القرن) لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين وأيضا هنا: تسريبات إسرائيلية عن صفقة القرن: شعفاط عاصمة لفلسطين وهكذا ستُقسم المناطق! وهنا: صفقة القرن: مخاطر خطة ترامب للسلام عالية وفرص نجاحها ضعيفة وهنا: (صفعة) القرن.. تبادل أراض شمالي إسرائيل وقدس جديدة وأيضا: تعرفوا على أبرز المحطات في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وهنا: خطة ترامب للسلام.. تفاصيل تكشف "خبايا مثيرة"
.jpg "كاتب إسرائيلي: صفقة القرن ستفشل لأنها لا تراعي حقوق الفلسطينيين صورة رقم 10")
