مسلسلات رمضان 2024
معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية!
16/04/2019

تصنّف معركة فردان (Battle of Verdun) بالشمال الشرقي لفرنسا كواحدة من أسوأ المعارك التي شهدتها الحرب العالمية الأولى. عدد القتلى الكبير يصعب محو أهوال هذه المعركة التي استمرت 302 يوم من ذاكرة الفرنسيين، حيث قاتل جنود الجمهورية الثالثة ببسالة، وتمسّكوا بمواقعهم لصد التقدم الألماني، إيمانا منهم بقدرة هذه المعركة على تحديد مستقبل فرنسا وحسم الحرب.

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 1

صورة لجنود فرنسسين مصابين بالحرب العالمية الأولى

اندلعت معركة فردان في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا يوم 21 شباط/فبراير 1916 بقصف مكثف قادته المدفعية الألمانية على التحصينات والخنادق الفرنسية بفردان، وقد استغل المشاة الألمان حالة الارتباك في صفوف الفرنسيين لشن هجوم بري سريع مستخدمين قاذفات اللهب. من خلال هذا الهجوم، حاول الجنرال الألماني إريش فون فالكنهاين (Erich von Falkenhayn) إنهاء ما عرف بنمط حرب المواقع، أو الحرب الجامدة، الذي ظهر منذ نهاية معركة المارن (Battle of the Marne) قبل نحو 18 شهرا.

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 2

جانب من المدافع الألمانية خلال معركة فردان سنة 1916

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 3

صورة لجنود فرنسيين خلال حفرهم للخنادق بمعركة فردان

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 4

صورة لقبور جنود فرنسيين سقطوا بمعركة فردان

في الأثناء، وقع اختيار الجنرال فون فالكنهاين على فردان بسبب مواقع الدفاعات والخنادق الفرنسية البارزة وخطوط السكك الحديدية القريبة بهذه المنطقة التي ساعدت في تسريع وتسهيل نقل الإمدادات نحو الجبهة.

مع بداية الهجوم، اعتمدت قوات الجنرال فون فالكنهاين على 1300 قطعة مدفع، ليمطر المواقع الفرنسية على مدار 9 ساعات بما يزيد عن مليوني قذيفة، ضمن واحدة من أشرس عمليات القصف التي شهدها التاريخ.

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 5

صورة للمارشال الفرنسي فيليب بيتان

في حدود الساعة الرابعة وخمسة أربعين دقيقة باشرت فرق المشاة الألمانية بمهاجمة المواقع الفرنسية بفردان، التي لم تكن تبعد سوى 230 كلم فقط عن العاصمة باريس، مستغلين فشل الفرنسيين في التحضير لهذه المعركة خلال الأسابيع الفارطة.

في غضون ذلك، تصدت الفرق الفرنسية المنتشرة بالخنادق والتحصينات للهجوم الألماني على الرغم من خسارتها لما عرف بحصن دوومون (Douaumont) وقد تدارك المارشال الفرنسي فيليب بيتان (Philippe Pétain) تأخر قواته عن طريق ربط خط مع مدينة بار لو دوك (Bar-le-Duc) لينقل بذلك نحو 6000 شاحنة محملة بالجنود والعتاد نحو الجبهة.

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 6

صورة للمارشال الفرنسي جوزيف جوفر

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 7

صورة للجنرال الفرنسي روبرت نيفيل

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 8

صورة للجنرال الفرنسي شارل مانجن

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 9

صورة للمارشال الألماني فون هيندنبورغ

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 10

صورة للجنرال الألماني لودندورف

استمرت المعارك بفردان عدة أشهر، حيث تجدد الهجوم الألماني على المواقع الفرنسية مرات عديدة، وشهدت المعارك استخدام غاز الفوسجين السام الذي تسبب بسقوط أعداد كبيرة من القتلى. ومطلع شهر تموز/يوليو من نفس السنة، شن الحلفاء هجوما على المواقع الألمانية بمنطقة السوم سعيا منهم لتخفيف حدة الضغط على فردان وقد انتهى هذا الهجوم الذي استمر 140 يوما بفشل ذريع.

فعلى الرغم من نجاحهم بتخفيف الضغط على فردان، فشل الحلفاء بتحقيق أي تقدم يذكر بمعركة السوم، وخسروا في المقابل نحو 600 ألف جندي بين قتيل وجريح. وبداية من يوم 4 آب/ أغسطس 1916، شن الفرنسيون بقيادة الجنرالين روبرت نيفيل (Robert Nivelle) وشارلز مانجن (Charles Mangin) هجوما مضادا، استعادوا بفضله السيطرة على معظم المناطق التي خسروها لصالح الألمان طيلة الأشهر السابقة وعلى رأسها حصن دوومون.

معركة فردان لا تمحى من ذاكرة فرنسا.. 379 ألف ضحية! صورة رقم 11

صورة للجنرال الألماني إريش فون فالكنهاين

في حدود منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 1916، انتهت المعارك بعد ما يقارب 10 أشهر من القتال حيث عاد كلا الطرفين إلى نقطة البداية التي انطلقا منها خلال شهر شباط/فبراير من نفس السنة دون أن يحقق أي منهما مكاسب جغرافية تذكر. وبحسب المصادر الرسمية، قدّرت خسائر الفرنسيين بنحو 379000 جندي، وبناء على تقرير رسمي للجيش الفرنسي أسفرت معركة فردان عن مقتل 61269 جندي، وإصابة 216337، وفقدان 101151 آخرين، بينما بلغت خسائر 335000 عسكري بين قتيل وجريح.

أيضا، أدت معركة فردان إلى تغييرات هامة بالقيادة العسكرية للطرفين، حيث ألقى الألمان اللوم على الجنرال فون فالكنهاين، واتهموه بسوء التدبير ليتم تعويضه خلال شهر آب/أغسطس 1916 بكل من فون هيندنبورغ (Paul von Hindenburg) ولودندورف (Erich Ludendorff). ومن الجانب الفرنسي، أجبر الجنرال جوزيف جوفر (Joseph Joffre) على الاستقالة قبل أن يتم منحه لاحقا رتبة مارشال بالجيش الفرنسي.