كشفت الشرطة الهندية ان بحوزتها 13 صفحة من يوميات المبشر "جون ألين تشاو"، 27 عاما، يوثق فيها أيامه الأخيرة قبل ان يقتله رجال قبيلة منعزلة في الهند، فور أن اقترب من جزيرتهم "نورث سينتينل" ليبشرهم بالديانة المسيحية. واعترف الشاب الأمريكي في مذكراته التي كتبها بخط يده انه خطط لفترة طويلة للتسلل الى الجزيرة الخطيرة وهو يعلم انه يخالف القانون الذي يحظر دخولها لأن أهلها عدائيون جدا يعيشون في عزلة عن العالم ويرفضون ان يقترب منهم أي غريب. وقام جون بتسليم يومياته الى الصيادين قبل ان ينزل قرب الجزيرة وطلب في حال وفاته ان يوصلوها لصديقه.

واعترف "جون ألين تشاو" في مذكراته بأنه دفع مبلغا من المال (رشوة) لصيادين محليين تعرف عليهم عن طريق صديق له من المنطقة يدعى اليكسندر، قال عنهم انهم مسيحيين مؤمنين، وطلب مساعدتهم في الوصول إلى الجزيرة التي لا يقترب منها أحد. وكتب جون أيضا بتاريخ 14 نوفمبر تشرين ثاني، تفاصيل اجتماعه معهم في الليلة السابقة واتفاقهم على طريقة "تهريبه" للجزيرة بطريقة غير شرعية، على أساس أن يأخذوه معهم في القارب تحت غطاء "رحلة صيد"، ليتهربوا من خفر السواحل الهندي وقوارب الدوريات البحرية.

مقتل مبشِّر أمريكي بسهام رجال قبيلة منعزلة في الهند

وقال جون في مذكراته ان التفاهم معهم كان صعبا فهم لا يجيدون اللغة الانجليزية، ولكن هذا لم يهبط عزيمته وقال: " أنا أعتمد على الروح القدس" وكان الاتفاق ان يوصلوه قريبا من الشاطئ ثم يتركوه ويبتعدون فورا وينتظروه على مسافة بعيدة على اساس ان يعود اليهم سباحة فيرجعون معا لقريتهم ثم يعيدون الكرة في اليوم التالي.. وكانوا يخافون من الاقتراب من الجزيرة حتى لا يتم قتلهم. فجزيرة "نورث سينتينل"هي احدى أكثر المناطق المعزولة في العالم وتقع في في جزر "أندامان" في الهند.

وفي دفتر يومياته كتب جون في الساعة 5.30 صباحا في 15 نوفمبر نشرين ثاني قبل بدء اليوم الأول رحلته: "اللهم اشكرك لأنك اخترتني قبل ان أكون قد تشكلت في رحم امي لأكون رسولا وابشر باسمك لأهل نورث سينتينيل. وأتمنى ان تقبل القبيلة يسوع كمخلصا لها والمسيحية كدين لها بقلب مفتوح". وقال انه سيحمل معه الكثير من الأسماك ليقدمها هدية لأهل القبيلة ليرضوا عنه! وكان يتوقع ان يعود اليهم عدة أيام لغاية ان يطمئنوا له ويتقبلوه. وكانت خطته ان يسلم دفتر يومياته يوميا الى الصيادين قبل نزوله في الجزيرة، ويستعيده منهم بعد رجوعه.

خطط جون ألين تشاو سنوات للوصول الى الجزيرة للتبشير بالديانة المسيحية

وكاب جون عن مغامرته في اليوم الأول قائلا انهم اقتربوا من الشاطئ فأنزله الصيادون ثم ابتعدوا عنه، وسبح هو مقتربا من الشاطئ ولوّح لرجال القبيلة ثم وقف في الماء ومشى مقتربا منهم ورمى لهم الأسماك التي يحملها لهم هدية. وكانوا عدائيين جدا فصرخ بالانجليزية وهو لا يزال في الماء يحمل الكتاب المقدس وقال: أسمي جون. أنا احبكم ويسوع المسيح أيضا يحبكم. وبدأت تنهال السهام عليه وأصاب احدها الكتاب المقدس الذي كان يحمله امام صدره فتفتت الكتاب. وقال انه شعر بالرعب وسارع للسباحة بسرعة مبتعدا عنهم وسبح حوالي ميل كامل حتى وصل الى قارب الصيادين الذين أوصلوه للشاطئ وكانوا بانتظتره ليعودوا معا ويستعد حون ليوم تبشيري جديد.

قتلوه بالسهام في الحال

اما آخر صفحة في مذكراته فكانت في 16 نوفمبر تشرين ثاني، وقال انه سيعود من جديد ليكسب محبة اهل القبيلة حتى يسمحوا له بالاقتراب منهم والحديث معهم. وكتب جون ان تجربته في اليوم الأول كانت مخيفة ومرعبة وهو لا يريد أن يموت، فهو سيكون أكثر فائدة للرب اذا بقي على قيد الحياة ليبشر باسمه حول العالم.

وفي نفس اليوم، كتب جون ايضا في يومياته رسالة إلى والديه ، طالباً منهما ألا يغضبا على اهل القبيله ولا على الله إذا هو مات. ونصحهما بأن يعيشا حياتهما في "طاعة" الله وقال انه اذا مات في الجزيرة فسيلتقي معهما في يوم ما في السماء.

رسالة جون لعائلته قبل ذهابه إلى الجزيرة ولقي حتفه

وكتب أيضا: "هذا ليس أمرا لا طائل من ورائه .. الحياة الابدية لهذه القبيلة في متناول اليد ولا استطيع الانتظار لرؤيتهم حول عرش الله ليعبدوه بلغتهم الخاصة كما يقول سفر رؤيا 7: 9-10". "أحبكم جميعاً ولا أدعو أحداً منكم أن يحب أي شيء في هذا العالم أكثر من يسوع المسيح"..

وقالت الشرطة الهندية بان قضية القتل قيدت على أساس ان الفاعل "رجال قبائل مجهولين" وتم القاء القبض على 7 اشخاص ليسوا من القبيلة وانما هم الصيادون الذين ساعدوه بالوصول إلى الجزيرة رغم ان القانون يمنع ذلك بوضوح. وأضافت الشرطة انه لا يمكن محاكمة أفراد قبيلة جزيرة "نورث سينتينل" الذين قتلوا تشاو، فالسلطات تمنع أي تواصل مع عدة قبائل في جزر خارجة على القانون ولكن الشرطة لا تزال تحاول استرجاع جثمان المبشر جون.

رسالة عائلة جون بعد وفاته

ويقدر عدد سكان جزيرة "نورث سينتينيل"، بنحو 100 شخص، وهي جزيرة صغيرة مكونة بالأساس من الغابات، ويعرف عن أهلها مقاومتهم لجميع محاولات التواصل مع الغرباء، ويهاجمون أي شخص يقترب منهم. وفي عام 2006، قام أفراد القبيلة بقتل صيادين اثنين اضطرا للنزول إلى الجزيرة، بعد أن تعطل قاربهما بقربها.