مطلع القرن العشرين، كان النظام الإقطاعي بالصين على وشك الانهيار ويعزى السبب في ذلك أساسا إلى توالي الفضائح السياسية والكوارث الطبيعية التي ألمت بالبلاد، لتتسبب في تفشي المجاعة والأمراض بين أفراد الطبقة الفقيرة. فضلا عن ذلك، مهّدت الإهانات المتتالية التي تلقتها الصين على يد القوى الأجنبية والثورات الفاشلة التي شهدتها البلاد الطريق لقرب نهاية سلالة تشينغ (Qing Dynasty) والتي حكمت الصين لقرون عديدة.
القوات الصينية التي أرسلت لقمع الثورة بمنطقة هانكو
وفي يوم الرابع عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1908 فارق الإمبراطور جوانجكسو (Guangxu) الحياة في ظروف غامضة. وبعد يوم واحد من وفاته، شهدت الصين فاجعة أخرى حيث توفيت الإمبراطورة سيشي (Cixi) عن عمر يناهز 72 سنة وبناء على ذلك تولى الطفل بوئي (Puyi) البالغ من العمر سنتين العرش.
إمبراطورة الصين سيشي
في غضون ذلك، تولى الإمبراطور بوئي الحكم خلال فترة حرجة من تاريخ الصين حيث عاشت البلاد على وقع حالة غضب عارمة توالت على إثرها الثورات فضلا عن ذلك لم يكن الإمبراطور الجديد قادرا على التعامل مع هذه الأحداث بسبب صغر سنه ولذلك قبعت البلاد في قبضة عدد من الأمراء وكبار القادة العسكريين.
جانب من قوات الجيش الصيني سنة 1905
مع بداية سنة 1911، شهدت الصين موجة احتجاجات عارمة اجتاحت مناطق واسعة من البلاد. فعلى إثر قرار السلطات الصينية بتأميم مشاريع السكك الحديدية بالبلاد ومنحها لعدد من البنوك الأجنبية عرفت الصين اضطرابات عديدة نظمتها حركة حماية السكك الحديدية فضلا عن ذلك شهدت منطقة جوانزو (Guangzhou) الصينية يوم السابع والعشرين من شهر أبريل/نيسان من نفس السنة ثورة مسلحة لم تتردد القوات الإمبراطورية في قمعها بالحديد والدم.
سون يات سين والذي تولى رئاسة جمهورية الصين بشكل مؤقت
وعلى إثر كل هذه الأحداث، انتشرت في مختلف أرجاء الصين خلايا ثورية مسلحة تكونت أساسا من الشباب وحملت على عاتقها مهمة وضع حد للنظام الإمبراطوري. وأمام هذا الوضع، اتجهت السلطات الصينية نحو إرسال المزيد من القوات نحو المدن لحفظ الأمن وإجهاض جميع محاولات الثورة.
رسم تخيلي لإمبراطور الصين جوانجكسو
وفي يوم التاسع من شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1911 كانت مدينة هانكو (Hankou) الصينية على موعد مع حادث عرضي تسبب في تغيير مستقبل البلاد للأبد. فخلال ذلك اليوم كان سان وو (Sun Wu) أحد قادة الفرق الثورية المسلحة بصدد تحضير كمية من القنابل لاستخدامها ضد القوات الحكومية. وبالتزامن مع ذلك، انفجرت إحدى القنابل بالقرب منه ليصاب الأخير على إثر ذلك إصابة خطيرة استوجبت نقله على جناح السرعة نحو المستشفى. وخلال فترة إسعافه تعرف الأطباء على الهوية الحقيقية لسان وو فما كان منهم إلا أن أبلغوا السلطات الصينية حول تواجد فرقة مسلحة بالمنطقة.
صورة التقطت سنة 1934 للإمبراطور بوئي
في غضون ذلك، كانت الحامية العسكرية الصينية المتمركزة بمنطقة واتشانغ (Wuchang) مخترقة من قبل عدد من الثوار الجمهوريين والذين خططوا في وقت سابق للثورة على النظام. وتزامناً مع كشف هوية سان وو عقب انفجار القنبلة، تخوف أفراد هذه الحامية العسكرية من العقاب في حال اكتشاف السلطات الصينية لمخططهم فما كان منهم إلا أن أعلنوا التمرد على سلالة تشينغ الحاكمة عقب يوم واحد من حادثة الانفجار العرضي.
جانب من القوات الحكومية المشاركة في قمع ثورة 1911
مثلت هذه الحادثة الشرارة الأولى لثورة سنة 1911. وفي حدود يوم الثاني عشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1911، أعلن الثوار عن تشكيل حكومة عسكرية بإقليم خوبي (Hubei) لتشهد الصين على إثر ذلك ثورة عارمة اجتاحت العديد من المناطق وأسفرت عن نهاية النظام الإمبراطوري بالصين وقيام الجمهورية وفي الأثناء لعب اتخاذ القوى الأوروبية لموقف الحياد دورا أساسيا في نجاح هذه الثورة.
جانب من قوات الثوار الصينيين سنة 1911
يوم الثاني عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1912 تنازل الإمبراطور بوئي والبالغ من العمر ستة سنوات، عن الحكم بعد حوالي أربعة أشهر عن بداية الثورة والتي تسببت في مقتل ما لا يقل عن 200 ألف شخص لتشهد البلاد قيام الجمهورية والتي تولى سون يات سين (Sun Yat-sen) رئاستها بشكل مؤقت.
a