تتعدد وتختلف القصص المثيرة والغريبة التي تعود إلى الحرب العالمية الثانية، الا أن قصة "المدينة المزيفة" تبقى الأبرز. وتعود أسباب هذه المدينة الى أنه خلال تلك الفترة، بلغت تكلفة تصنيع الطائرة الواحدة من طراز B-17 أكثر من 200 ألف دولار أميركي، أي ما يعادل 3.4 ملايين دولار بالنسبة إلى سعر الاقتصاد الحالي، ونتيجةً لحاجة الجيش الأميركي لآلاف الطائرات وبسبب الكلفة الباهظة المطلوبة لإنتاجها، أخذ الجيش بالحسبان كامل الاحتياطات اللازمة لتأمين مصنع طائرات "بوينغ". وفي هذا الإطار، استعانت الحكومة الأميركية بمهندسي ديكور الأفلام الهوليوودية للقيام ببناء حي مزيف على سقف المصنع، ووظفت ممثلين للسكن في المنطقة.

وبحسب موقع عالمي، كانت المهمة الأساسية لهذا الحي المموّه والمزيف هي حماية مصنع الطائرات من الهجمات الجوية المحتملة التي قد تطاله، إذ تم بناء ”الحي“ في عام 1944 وأُزيل بعد سنة واحدة من انتهاء الحرب العالمية الثانية. وساعد المصمم الهوليوودي جون ستيوارت ديتلي على إخفاء المصنع رقم 2 لطائرات "بوينغ" الحربية مستعيناً بنفس التقنيات المستخدمة في عمل الأفلام السينمائية، كالشوارع المزيفة، والأرصفة، والأشجار، والسيارات، بالإضافة إلى وضع منازل منجزة مسبقاً لخداع المهاجمين الجويين المحتملين. وفي أسفل هذه المدينة المفبركة والمزيفة، عمل أكثر من 30 ألف رجل وامرأة لتصنيع ما يقارب 300 طائرة قاذفة للقنابل شهرياً لدعم الأسطول الجوي في الحرب ضد النازيين.

وخلال حقبة الستينات، بدأ تجميع نوع جديد من الطائرات سمي بـ"بوينغ 737" في هذا المصنع، لكنها أُنهيت في موقع مجاور يدعى ثومبسون، وفي ما بعد انتقلت عملية التصنيع والتجميع إلى هذا الموقع الجديد. أما في بداية عام 1980 استعمل هذا الموقع كمستودع للعتاد، لكن استغني عنه بسبب انتقال هذه الأعمال إلى منشآت أكثر تطوراً وحداثة. وفي النهاية استغنت شركة "بوينغ" عن استخدام هذا الموقع نهائياً في عام 2010 وهدمت المصنع وأزالته.

وفي التالي سنقدم لكم عدداً من الصور تظهر للوهلة الأولى كأنه يوم طبيعي تقضيه مجموعة من الأشخاص القاطنين في قرية صغيرة، إذ يقومون بنشاطاتهم الاعتيادية ويستمتعون بأشعة الشمس خارج منازلهم، الا أن تحت هذه المدينة المزيفة كان يتم تصنيع أهم الطائرات خلال الحرب العالمية الثانية.