قلما يمكن لأحد أن يتخيل كوبا دون آل كاسترو، وهو تصور دار في خلد الكوبيين أنفسهم ابتداء من الـتاسع عشر من نيسان/ أبريل 2018 حيث لن يكون كاسترو آخر في سدة حكم الدولة. الأخوان كاسترو حكما كوبا 60 عاما تقريبا بيد من حديد.
الثورة تنتصر ـ 1959: فيدل كاسترو والثوار الملتفون حوله يصلون إلى السلطة بعدما فر الدكتاتور فولجينسيو باتيستا في يناير. والولايات المتحدة الأمريكية تعترف أولا بالحكومة الجديدة، لكن سرعان ما انتابها القلق من قوانين الإصلاح الزراعي "الثوري". والرئيس الأمريكي أيزنهاور يوافق على مخطط لوكالة الاستخبارات الأمريكية من أجل الإطاحة بكاسترو في غضون سنة وتعويضه بزمرة عسكرية مساندة للولايات المتحدة الأمريكية.
عمليات تأميم وتقارب مع الاتحاد السوفياتي -1960: أيزنهاور يحظر جميع الصادرات الى كوبا (عدا المواد الغذائية والطبية) ويوقف استيراد السكر منها. وكوبا أممت على إثرها الممتلكات الأمريكية وبحثت عن التقارب من الاتحاد السوفياتي. هنا يظهر فيدل كاسترو (يسارا) ورفاقه خلال دفن ضحايا انفجار سفينة النقل La coubre التي حمّلت كوبا مسؤوليتها بوكالة الاستخبارات الأمريكية.
"غزو" خليج الخنازير ـ 1961: التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا ازدادت. واشنطن علقت في الـثالث من كانون الثاني/ يناير 1961 العلاقات الدبلوماسية مع هافانا. وفي نيسان/ أبريل من نفس العام وصلت بعثة من كوبيي المهجر مدعومين من وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى خليج الخنازير للإطاحة بنظام فيدل كاسترو. هذه المحاولةالانقلابية المخطط لها فشلت في غضون ثلاثة أيام.
إحدى نقاط الذروة في الحرب الباردة ـ 1962: رئيس الحكومة السابق للاتحاد السوفياتي نيكيتا خروتشوف قال:" لا أعرف هل فيدل شيوعي، ولكنني من أتباع فيدل". الاتحاد السوفياتي رفع من قوة الدعم وقرر نشر صواريخ متوسطة المدى في كوبا. وهذا أدى إلى ما يسمى "أزمة كوبا". والأزمة انتهت بعد 13 يوما بإبرام حل وسط سري بين موسكو وواشنطن.
فيدل كاسترو في تشيلي ـ 1971: أزمة خليج الخنازير وأزمة كوبا قوت الطابع الماركسي اللينيني للثورة الكوبية. كوبا قوبلت بعزل متزايد في أمريكا اللاتينية، وتطورت في الوقت نفسه إلى نموذج للحركات اليسارية الثورية في كافة أرجاء القارة. في 1971 استُقبل كاسترو من الرئيس الاشتراكي في تشيلي سالفادور ألييندي (يمين).
ساعة البيريسترويكا ـ 1989: تولي السلطة من قبل ميخائيل غورباتشوف كأمين عام للحزب الشيوعي السوفياتي كان بداية الغلاسنوست والبيريسترويكا. والستار الحديدي بدأ ينهار والامبراطورية السوفياتية تلاشت. وكوبا خسرت أهم شريك وانزلقت في أزمة خانقة. آلاف الكوبيين حاولوا الهرب على متن قوارب متهالكة إلى ميامي. والكثيرون تنبأوا بنهاية نظام كاسترو
أول زيارة لبابا ـ 1998: إبتداء من البابا بيوس الثاني عشر في 1941 حظر على جميع الكاثوليك دعم الأنظمة الشيوعية. وعلى هذا الأساس فُرض الحرمان الكنسي على فيدل كاسترو في 1962. لكن العقود مرت وبعد نهاية الحرب الباردة جاءت لحظة التقارب. وفي 1996 زار كاسترو البابا يوحنا بولوس الثاني الذي رد الزيارة بعد عامين. وهذه خطوة تم تصنيفها بالتاريخية.
فيدل كاسترو وجيمي كارتر يلعبان البيسبول ـ 2002: منذ أن فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حصارها التجاري، لم توجد إلا لحظات قليلة من الانفراج بين واشنطن وهافانا. وإحدى تلك اللحظات كانت زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لكوبا في 2002. لكن محاولة تحقيق تقارب اندثرت في الرمل.
فيدل وهوغو شافيز ـ 2006: ابتداء من 1990 خسرت كوبا بريقها كمصدر إلهام للثورات. وبانهيار المعسكر الشرقي بدت الإيديولوجية الاشتراكية أيضا في أمريكا اللاتينية وكأنها وصلت إلى نهايتها. لكن بعدها جاء في فنزويلا معجب بفيدل كاسترو إلى السلطة، هوهوغو شافيز الذي روج "للثورة البوليفية" وقدم دعما اقتصاديا قيما لكوبا.
عملية التسليم بين الأخوين ـ 2006: التقدم في السن أجبر فيدل كاسترو على التخلي عن السلطة. في 2006 سلم السلطة لشقيقه راوول، وهي إشارة واضحة بأنه لن تحصل تغيرات راديكالية في كوبا. ورغم التقدم المسجل في مجالات التعليم والصحة، فإن البلاد دفعت من أجل ذلك ثمنا باهضا: بخروقات حقوق الإنسان، وغياب حرية التعبير والقمع.
انفراج مؤقت ـ 2014: راوول كاسترو وباراك أوباما يفاجئان العالم في الـسابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر 2014: فقد أعلنا في آنٍ واحد إقامة علاقات دبلوماسية بين بلديهما وتبادل الأسرى. كما أن أوباما خفف من الحصار الاقتصادي. لكن حالة الانفراج لم تدم إلا وقتا وجيزا. فبمجيئ الرئيس ترامب تدهورت العلاقات من جديد بسرعة.
وفاة فيدل كاسترو ـ 2016: الإعلان تم عدة مرات وتم نفيه فيما بعد: الكثيرون لم يشاؤوا في البداية تصديق خبر وفاة فيدل كاسترو. لكن في الـ 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 أغلقت الحانات والمقاهي عندما انتشر الخبر في شوارع هافانا. طوال سنوات تم الإعلان في كل مرة عن وفاة كاسترو ليظهر من جديد أمام العلن، لكنه هذه المرة لم يظهر.
خليفة آل كاسترو ـ 2018: بعد 10 سنوات ينسحب الآن راوول أيضا، الأصغر بين الأخوين كاسترو من الحكومة. والبرلمان الكوبي ينتخب في الـتاسع من نيسان/ أبريل 2018 الخلف الذي لن يحمل لأول مرة بعد 60 عاما تقريبا اسم كاسترو. والمرشح الذي له أكبر الفرص هو نائب الرئيس ميغل دياس كانيل (يمين). ولن يطرأ حسب التوقعات تغير على النهج السياسي لكوبا.