وسط قرع الطبول والتحية بطلقات المدفعية، بدأت تايلاند، الخميس 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017، مراسم باذخة لإحراق جثمان الملك الراحل بوميبون أدولياديغ. واحتشد مئات الآلاف من المشيعين في شوارع بانكوك لمتابعة موكب الجنازة، بينما كست الزهور المخملية الصفراء المباني الواقعة في مسارها، عشية إحراق الجثمان.
واتَّشح المشيعون بالسواد، وقضوا ليلتهم على حاشيات بلاستيكية رقيقة على الأرصفة، قرب القصر الكبير في العاصمة التايلاندية، حتى يتسنَّى لهم تأمين موقع من أجل رؤية الموكب جيداً. وقال بيمسوباك سوتين (42 عاماً)، الذي جاء من إقليم نان في شمالي البلاد، إلى بانكوك، لحضور الجنازة، باكياً: "هذا هو الوداع الأخير. أحبه وسأفتقده حقاً. من الصعب وصف شعوري".
عشرات الآلاف يحتشدون في العاصمة التايلاندية لحضور جنازة الملك الراحل
ونقل جثمان الملك الراحل، المسجَّى في القصر منذ رحيله قبل عام، إلى المنطقة المخصصة لإحراقه ليل الأربعاء. ووصل الملك الجديد ماها فاجيرالونكورن، الابن الوحيد للملك بوميبون إلى القصر الكبير، بصحبة ابنتيه وابنه الصغير. وقال المسؤولون القائمون على مراسم الجنازة، إن نحو 110 آلاف من الجماهير تجمَّعوا قرب منطقة الإحراق، وإن 200 ألف آخرين تجمعوا في المناطق المحيطة في وسط المدينة. وذكر المسؤولون أنه تم تخصيص مبلغ 90 مليون دولار للجنازة، التي لم يسبق لها مثيل في تايلاند.
وتوفي الملك بوميبون، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن 88 عاماً، بعد أن حكم البلاد لسبعة عقود. ولعب دوراً محورياً في الحفاظ على الاستقرار خلال سنوات الاضطراب السياسي. وقالت بيامات بوتسوفو (38 عاماً)، إنها تنتظر حضور الجنازة، منذ يوم الأربعاء، وأضافت: "كنت محظوظة للغاية لأنني وُلدت في عهد الملك" بوميبون. ولم يثن تساقط الأمطار الغزيرة المشيعين عن الحضور، بل نصب بعضهم خياماً من أجل الحصول على أفضل رؤية للموكب. وولد الملك بوميبون، في يوم الإثنين، وهو يوم يربطه أبناء تايلاند باللون الأصفر.
على مدى العام الماضي، عمل مئات الفنانين على إعداد منحوتات وأعمالاً فنية لحفل جنازة ملك تايلاند الراحل بوميبول أدولياديج
ورغم أن غالبية التايلنديين يتبعون الديانة البوذية، إلّا أن العديد من المنحوتات التي صممت للجنازة تتخذ أشكالاً لشخصيات أسطورية ودينية مستوحاة من التقاليد الهندوسية
تلعب الأعمال الفنية دوراً هاماً في جنازة الملك بوميبول، والذي يتمتع بمكانة إلهية لدى التايلانديين. ووفقاً للتقاليد الدينية، فإن حفل الجنازة سيشهد إكمال الملك رحلته إلى الآخرة
تعتبر هذه الجنازة الملكية الأكبر في الذاكرة الحية، كما كلفت الحكومة التايلاندية 3 مليارات باهت أي حوالي 90 مليون دولار
وتدير وزارة الفنون الجميلة، ورش عمل فنية في عدة مواقع حول بانكوك، تنتج داخلها الأعمال الأكثر تعقيداً من قبل محترفين تم اختيارهم من قبل المسؤولين الحكوميين التايلانديين
بالإضافة إلى المنحوتات، أنتجت أيضاً مجموعة متنوعة من اللوحات المزخرفة والمطرزات للجنازة
بينما العديد من الأعمال الفنية اُستُوحيت من الصور الدينية، إلّا أن الكثير منها تعكس حياة الملك وإنجازاته أيضاً
ويعمل العديد من الفنانين منذ أكثر من سنة كاملة من أجل إنجاز الـ500 تمثال للحفل، حتى أن بعضهم قد عملوا يومياً دون إجازة طيلة هذه السنة
يقول الفنان سنان راتانا، البالغ من العمر 56 عاماً إن "كل فنان لديه أسلوبه الخاص، ولكن، عليهم أن ينسوا أسلوبهم ويلتزموا بالرسومات المعتمدة"
يمكن أن يستغرق صنع التماثيل الأكبر والأكثر تفصيلاً حوالي الخمسة أشهر