مسلسلات رمضان 2024
القدس في خطر.. 25 الف مدمن مخدرات
23/11/2009

بين عنوان وآخر عن تهويد القدس تسقط عناوين اخرى لا تقل أهمية عن الوضع المزري التي تعيشه المدينة التاريخية، فمقابل سياسة هدم الحجر وقطع الشجر وفاعلها معلموم، تنشط سياسة اكثر خطورة اساسها هدم البشر، تقدير فاعلها مستتر، اما المفعول به فهم سكان القدس انفسهم. أحدى هذه العناوين هي تفاقم ظاهرة استعمال المخدرات بين المقدسيين، آفة لا تقتصر فقط على الشباب، بل تصل حتى الفتيات، والاخطر انها تبدا في كثير من الاحيان لدى طلاب المدارس، الرسمية التابعة للبلدية!!

القدس في خطر.. 25 الف مدمن مخدرات   صورة رقم 1

25 ألف مدمن مخدرات..

بحسب المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الرفاه الإسرائيلية والتي تنشر لأول مرة في وسيلة إعلامية عربية، فان عدد المدمنين المسجلين في مدينة القدس يصل الى 6000 مدمن، اما عدد المتعاطين فيصل الى 25000 متعاطي! وهذا غير المدنين والمتعاطين الذين لم يحالفهم الحظ لتشملهم معطيات الوزراة.

بدأت المخدرات تنتشر في صفوف المقدسيين عام 1986، عندما دخل الهيروين والكوكايين الى المدينة لاول مرة، وحينها كان العدد لا يصل 200-300 ما بين متعاطي ومدمن، انزلقوا الى عالم السموم خلال عملهم مع الإسرائيليين وبعدها مع الروس ابان الهجرة الكبيرة للروس من دول الاتحاد السوفييتي سابقاً. ومع مرور السنوات تفاقمت الظاهرة وازداد العدد ليصبح بالآلاف، واذا كان التعاطي والإدمان يحصل نتيجة اختلاط المقدسيين مع ثقافات غريبة عن بيئتهم، فان أسبابه اليوم يعزوها البعض إلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي يقبع تحتها المقدسيين.

أحمد حجازي مدير عام جمعية الهدى المقدسية المعنية بمعالجة ومتابعة مدمني المخدرات يعدد لـ "مسلسلات" الأسباب قائلاً " أصبح استعمال المخدرات هذه الأيام بمثابة "موضة" بين الشبان، فالضغوطات الاجتماعية وظاهرة البطالة، تدفع الكثيرين منهم إلى اللجوء الى هذا السم". دافع آخر هذا الظاهرة هو المشاكل العائلية خصوصا ان هناك ازدياد في عدد حالات الطلاق، والشاب الذي يربى دون الأب أو الأم معرض للخطر أكثر من غيره.

مسبب اخر لهذه الظاهرة ،بحسب حجازي ، هو مخصصات التأمين الوطني، فببساطة هناك ارباب عائلاث يعانون من اوضاع مالية صعبة ،يلجئون الى استعمال المخدرات والادمان لينالوا مخصصات التأمين الوطني، التي تصرف لهم لانهم غارقون في المخدرات! أماكن انتشار هذه الظاهرة أو البؤر الملوثة في الأساس في منطقتين، البلدة القديمة ومخيم شعفاط للاجئين، وهما مكانان ذاع سيطهما في السنوات الأخيرة لكثرة عدد المتعاطين والمدمنين فيهما بدءاً من الحشيش حتى السموم "الثقيلة" مثل الهيروين والكوكايين.

اما الاخطر من كل ذلك فهو انتشار المخدرات بين طلاب المدارس ، فلم يقتصر التدخين على السجائر العادية بل وصل الى تدخين الحشيش في الحمامات والأماكن الخفية، بعيداً عن أنظار المعلمين، اما الجامعات فحدث ولا حرج، فاذا كان طلاب المدارس يدخنون الحشيش، فان الطلاب الجامعيين "ترقوا" ليستعملوا ما يعرف بحبوب "الهلوسة" مثل الاكستازي التي تؤدي الى أضرار خطيرة في كثير من الأحيان وحتى الى الموت.

لا سلطة للسلطة

القدس في خطر.. 25 الف مدمن مخدرات   صورة رقم 2

الضغوطات الاجتماعية تدفع الشباب
للجوء للمخدرات...

مشاكل اخرى لا يوجد للمدمن في القدس عنوان واضح للذهاب اليه، من الصعب عليه التوجه او التأقلم في مراكز العلاج الاسرائيلية ، كما ان تكاليف العلاج باهظة ولا يستطيع تحمل النفقات، اما السلطة الفلسطينية ورغم وجود مخططات لاقامة مراكز علاجية، لكن عدم وجود ميزانيات وتمويل اجنبي يحول جون اقامة مثل هذه المراكز، ففي اريحا على سبيل المثال هناك مخطط منذ أربع سنوات لإقامة قرية علاجية لكن مشكلة التمويل منعت تنفيذ المشروع لغاية الان.

وماذا عن الأجهزة الأمنية وفي حالة القدس، الشرطة الاسرائيلية؟ رغم عدم وجود أدلة لكن هناك شعور بان الشرطة تعلم جيداّ بما يحدث لكنها على ما يبدو مرتاحة لهذا الوضع ، طالما ان الضحايا هم ابناء القدس العرب، ويظهر هذا جلياً عندما يصول ويجول مروج المخدرات في شرقي القدس وما ان يحاول بيع سمومه الى أحد سكان الشطر الغربي من المدينة حتى ينهال عليه افراد الوحدات الخاصة في الشرطة!

في ظل هذا الفراغ الأمني والسياسي تحاول بعض الجمعيات والمؤسسات العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكنها تواجه صعوبة جمة في عملها، أحدى هذه الجمعيات هي جمعية الهدى ومركز الطهارة الذي تعالج فيه المدمنين.

مركز هذه الجمعية في مخيم شعفاط، وهي حاصلة على ترخيص من قبل السلطة الفلسطينية، لكنها كغيرها من المؤسسات المقدسية لم تفلح في الحصول على رخصة اسرائيلية، ورغم المحالات العديدة التي بذلتها لايجاد شريك في اسرائيل لتسجيل الجمعية (توجهت الى جمعيات ومؤسسات لمواطنين عرب في المثلث) لكن دون جدوى، ليكون الخوف في المستقبل لا على هوية القدس العربية بل على سكانها، ليسأل السؤال ماذا تعني لنا القدس وأهلها غارقون في بحر ظلمات المخدرات؟.