عندما يكون الحديث عن أطفال موهوبين فإننا وبلا شكّ نوجّه أسماعنا وأنظارنا للتعرف على هذا الطفل وتلك الطفلة اللواتي سيكون لهم بإذن الله شأن عظيم في المستقبل، "علّنا" نعوّض بهم "شباب التسلية اللا مجدية" اللذين يزدادون يوما بعد آخر.
واليوم لنا وقفة جميلة مع طفل لا يستطيع أن يقرأ كلمة واحدة مكتوبة، فهو لم يتجاوز الثالثة من عمره، إلا أنه استطاع من خلال الاستماع لآيات القرآن الكريم أن يحفظ كتاب الله عن ظهر قلب، ويرتله بلسان طلق ودون أخطاء؛ ليدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأصغر حافظ للقرآن، إنّه الطفل الجزائري عبد الرحمن.
فمنذ أن بدأ لسانه في الحركة، وهو يواظب على ترديد آيات بينات من الذكر الحكيم يوميا، حتى حفظ القرآن كاملا دون أن يذهب إلى مسجد أو مدرسة، على رغم أنه ظل لمدة عامين يعاني من مشكلة في النطق. وعندما فكت عقدة لسانه نطق بسورة الكهف دون تكلف أو إجهاد في مخارج الحروف، ولا حتى أخطاء في قواعد التلاوة، أو الخلط بين السور القرآنية والآيات.
وتفسر أم عبد الرحمن بعضا من أسرار هذه الموهبة الربانية بقولها "إنها توحمت على سورة "الكهف"، في أثناء حملها في عبد الرحمن، وهو ما جعلها تواظب على قراءتها يوميا.. الأمر الذي كان يشعرها بالراحة والطمأنينة. وتوضح والدة الطفل عبد الرحمن أن ابنها بدأ حفظه انطلاقا من سماعه قناة "العفاسي" الفضائية؛ التي كان ينصت إليها كثيرا، خاصة في الفترات التي تقضيها هي في الصلاة. ولا يستبعد محمد فارح والد عبد الرحمن، أن يكون قرة عينيه قد تأثر بسماع القرآن قبل أن يرى نور الدنيا.
وعبد الرحمن؛ الذي يلتزم بصوته الرنان وبلغة صحيحة ورقيقة في التلاوة بأغلب أحكام المد لا يفوت الصلاة على النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- عند ذكره، كما لا تفارقه المعوذتان، ولا ينام قبل أن يقرأ الأذكار. وتوج عبد الرحمن بلقب "فارس القرآن" في الجزائر وبـ"برنوس" ذهبي ألبسه إياه مقرئ المسجد الأقصى الشيخ محمد رشاد الشريف بنفسه.