في عام 2023، ليس من الصعب تخيل أننا نعيش في نهاية الزمان، في خضم أحداث مناخية مروعة على مدار العام في جميع أنحاء العالم. ومنذ مطلع الألفية، كان هناك "ارتفاع مذهل في الكوارث المرتبطة بالمناخ"، وفقا لما ذكرته للأمم المتحدة. وخلال الفترة بين عامي 2000 و2019، تأثر 3.9 مليار شخص بـ 6،681 كارثة مرتبطة بالمناخ، مقارنة بـ 3.2 مليار تأثروا بـ 3،656 بمثل هذه الأحداث بين عامي 1980 و1999.
ومن خلال مطاردة العواصف، ترمي شابة كويتية بنفسها في طريق بعض أقوى الأحداث المناخية والأكثر تدميرًا على الكوكب، لتوثق صورًا يمكن أن تساعدنا في فهم أسباب حدوثها والتنبؤ بها. ورغم كونها تعمل كمحاسبة، إلا أن سارة حسن الصايغ تطلق على نفسها لقب أول مطاردة عواصف كويتية عربية. وعندما لا تكون منشغلة بتحليل الأرقام، تقوم الصايغ بتتبع العواصف الشديدة، لتصوير جمال الطبيعة، وتوثيق أنظمة الطقس المتغيرة.
تصوير تغيرات الطقس
وقبل أن تبدأ رحلتها بمطاردة العواصف، كانت الصايغ، التي تبلغ من العمر 40 عاماً، تلتقط صوراً للمناظر الطبيعية ومناظر المدينة كهواية. وقد اشتعلت حماستها لرصد الظواهر الجوية بمحض الصدفة. وفي عام 2011، خرجت الصايغ لتصوير المناظر الطبيعية. وتتذكر الصايغ قائلة: "فجأة، هبت عاصفة ترابية هائلة باتجاهي، وقد انبهرت بها".
وتشرح قائلة: "الهبوب يعد مصطلحا عربيا... متمثل في سحابة غبارية تشبه الجدار تتشكل عندما يكون هناك تيار منخفض قادم من الشمال". وتضيف: "قلت لنفسي كيف حدث ذلك؟ كيف يعقل ذلك؟ منذ تلك اللحظة أصبحت مفتونة بها. ومنذ ذلك الحين، تقوم الصايغ بتصوير العواصف التي تجتاح الكويت وشبه الجزيرة العربية. وتقول: "أريد أن أعرف كيف تحدث العواصف والأعاصير".
وحتى من دون أن تمتلك خلفية في علم المناخ، لاحظت الصايغ التغيرات التي تحدث في أنماط الطقس في الشرق الأوسط. وتُوضح: "لقد جعلتني مطاردة العواصف أرى العالم أكثر. وقد ساعدني ذلك على إدراك أن تغير المناخ أمر حقيقي وخطير". وقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عدداً من الظواهر الجوية المتطرفة خلال السنوات الأخيرة. وفي شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان من عام 2019، دمرت الفيضانات الغزيرة أجزاء من إيران، والعراق، وسوريا.
وفي العام الماضي، ضربت العواصف الرملية المنطقة من دبي إلى سوريا، وكان العراق الأكثر تضررا بشكل خاص. ويقول الخبراء إن العواصف الرملية تحدث بوتيرة غير مسبوقة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تغير المناخ. وفي هذا الشهر، قُتل نحو 4 آلاف شخص بسبب الفيضانات في ليبيا، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، نتيجة تساقط الأمطار الغزيرة التي جلبتها العاصفة دانيال.
وتقول الصايغ: "خلال السنوات الخمس أو الست الماضية، كانت هناك أعاصير في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وكذلك في الكويت"، مشيرة إلى أن مطاردي العواصف يمكنهم أن يساعدوا في تقديم معلومات للأرصاد الجوية. مع ذلك ترى أنهم لا يُؤخذون على محمل الجد في الشرق الأوسط. من جانبها، تقوم الصايغ بجمع الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو الخاصة بها ومقارنتها ببيانات التنبؤ التي تجمعها لكل مطاردة، ثم تقوم بنشر المعلومات على منصات التواصل الاجتماعي وتشاركها مع الحسابات المختصة بمراقبة الظواهر الجوية العالمية.
مطاردة خطرة
تتطلب مطاردة العواصف الكثير من التخطيط، والصبر، وتحليل البيانات المعقدة. وقد تعني الأخطاء فقدان الفرصة للمشاركة أو حتى وضع نفسك في خطر. وتشير الصايغ إلى أن قوى الطبيعة غير المتوقعة لا ينبغي التهاون معها قائلة: "يجب أن يكون لديك خطة للهروب".
تتذكر الصايغ أنه في 31 مايو/آيار عام 2016، وجدت هي وزميلها مطارد العواصف مايك أولبينسكي هيكل عاصفة ضخمة بالقرب من مدينة لاميسا بولاية تكساس الأمريكية. وتقول: "كنا نلتقط صورًا وفجأة سمعنا صوت رعد مدوٍ وشعرنا ببعض الكهرباء، وبعد أن نظرنا إلى فيديو مايك من يوم المطاردة، أدركنا أن البرق ضرب على بعد أمتار قليلة منا".
وتقر الصايغ أن مطاردة العواصف تُعد ممارسة يهيمن عليها الرجال بشكل رئيسي، خصوصًا في منطقة الخليج، وتأمل في أن تحذو حذوها المزيد من النساء العربيات. وتقول: "أود أن أقول لجميع الفتيات اللواتي يرغبن في أن يصبحن مطاردات للعواصف أو يدخلن في مجالات يهيمن عليها الرجال: افعلن ذلك، لا تسمحِ للناس بقول أنكِ لا تستطيعين فعل ذلك لمجرد أنكِ أنثى".
ولم يتسنّ للصايغ بعد مشاهدة كنز مطاردي العواصف، أي "الإعصار"، على شبه الجزيرة العربية، ولكنها التقطت صورًا لتكوينات سحابية مذهلة مثل السحابة الخارقة "السوبر سيل" أو "العاصفة الدوارة" الضخمة التي تشبه الصحن الطائر. وتأمل الآن في توسيع معرفتها في الأرصاد الجوية ونشر الوعي حول تغير المناخ، وتقول: "آمل فقط أن أكون قادرة على نقل هذه الرسالة للجميع من خلال التصوير الفوتوغرافي ومطاردة العواصف".