تصاعدت أزمة هدم مسجد السراجي في محافظة البصرة جنوبي العراق، الذي يعود تاريخ بنائه لما قبل نحو 3 قرون. وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي في العراق مقاطع فيديو لعملية الهدم، مما أثار موجة من الغضب الشعبي عارمة، فيما أصدر وزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني، بيان استنكار لهدم المسجد. وتسبب هدم المئذنة في تطاير كمية غبار كثيف إذ أنها مبنية من الطوب اللبن وكان عليها زخارف.
موجة غضب شعبي من هدم المئذنة
وكانت السلطات الدينية والثقافية، ومنها الوقف السُني ومسئولو الآثار، على علم باعتزام محافظ البصرة إزالة المئذنة لإنهاء الاختناق المروري في المدينة، لكنها قالت إنه كان من المفترض الحفاظ عليها ونقلها بدلًا من هدمها. وقال ماجد الحسيني من سكان البصرة وهو يقف بجانب الأنقاض: "كل الشعوب تحافظ على تراثها وتاريخها وهنا يدمرون تاريخنا وتراثنا؟".
هدم المسجد التاريخي "مئذنة السراجي"
التراث الثقافي
وأدى الإهمال والصراع الذي دام لسنوات مع تنظيم داعش الإرهابي، إلى تدمير كثير من التراث الثقافي الذي كان يزخر به العراق ويعود تاريخه لآلاف السنين، وتحديدًا لبعض أقدم الإمبراطوريات في العالم في حضارة بلاد الرافدين القديمة، فضلًا عن تراث التاريخ الإسلامي الحديث. وتخشى جماعات الحفاظ على التراث من أن يؤدي ازدهار البناء في بغداد، وخطط توسعة الطرق والجسور والبنية التحتية الأخرى في أنحاء البلاد، إلى تدمير الجزء المتبقي من هذا التراث.
هدم مئذنة جامع السراجي
وقال وزير الثقافة أحمد البدراني في تصريحات إنه لم يعط الإذن بهدم مئذنة جامع السراجي، وإن سلطات الآثار المحلية اتفقت مع المحافظ على نقلها. وستسعى الوزارة الآن لاستعادة الجزء المتبقي منها والحفاظ عليه، وإعادة بناء نموذج على غرار ما قامت به السلطات في جامع النوري في الموصل، الذي فجره مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي في عام 2017.
ودافع محافظ البصرة أسعد العيداني، الذي أشرف بنفسه على هدم المئذنة، عن هذه الخطوة، قائلًا إن الوقف السُني وسلطات الآثار لم تفكك المئذنة وتنقلها لمكان آخر، على الرغم من أنه طُلب منها ذلك منذ أكثر من عام. وأضاف أن السلطات تلقت إخطارًا في الآونة الأخيرة يفيد باقتراب موعد هدمها ولم تعترض على ذلك، مشيرًا إلى أنه يعتزم بناء جامع جديد بدلًا منه. وقال مدير الوقف السُني في البصرة محمد الملا إن "دائرة الوقف السُني لم توافق على هدم المئذنة ولم يتم إبلاغ مسؤوليها بخطط الهدم، مضيفًا أنها اتفقت مع المحافظ على البحث عن شركة لنقل المئذنة".
جامع ومسجد السراجي.. مئذنة تاريخية
وكان جامع السراجي بُني من اللبن عام 1140 للهجرة/ 1727 للميلاد في مدينة البصرة، وكان آخر تجديد له عام 2002، ويعد من مساجد العراق التاريخية القديمة، ويتميز بعمارته الأثرية والتراثية. وتبلغ مساحة الجامع نحو 1900 متر مربع، ويقع في محلة السراجي في قضاء أبي الخصيب، وجُدد بناؤه من قبل متبرعين خلال ثمانينيات القرن العشرين.
وللجامع مئذنة أثرية فخمة البناء، وفيه مصلى واسع يبلغ عرضه 18 مترا وطوله 11 مترا، ويعتبر من أوسع مساجد البصرة مساحة، لذلك كان يسمى قديما بالمسجد الكبير قبل بناء مساجد حديثة وجامع البصرة الكبير، كما أنه سمي بجامع مناوي لجم الكبير، لأن المنطقة كان اسمها قرية مناوي لجم ثم توسعت.