لبلدان المغرب العربي سحرها الخاص.. فجوهرها الشرقي جداً لم تطمسه إطلالتها على العالم عبر المحيط، واتقان أهلها للفرنسية لا يقلّل من تذوّقهم للطرب العربي الأصيل. والنجمة لطيفة إحدى تجليات ذلك السحر المغاربي، فصوتها شرقي بامتياز، أما فكرها الغنائي فمنفتح على العالم بلا حدود، توليفة استثنائية يأتي تميّزها من "دماغها" قبل أي شيء آخر ولذلك استطاعت الحفاظ على المنحنى البياني لها صاعداً منذ البدايات قبل أعوام طويلة.

أنا إنسانة عربية قبل أن أكون فنانة

قدّمت لطيفة عشرات الأعمال ذات القيمة الفنية العالية والتي لا زالت موجودة ومؤثّرة حتى الآن، لتتجاوز بذلك محنة الفن الاستهلاكي والفرقعات التي لا يبقى منها شيء. تغنّي لطيفة انطلاقاً من قناعة خاصة مفادها أن الفنان ضمير أمته ومجتمعه، وحارس على قيَمه، وشاهد على همومه وقضاياه، لا تغنّي السياسة بشكل مباشر لكن الوطن حاضر دائماً وبقوة في أعمالها.

لماذا أصبح "الهمّ السياسي" حاضراً بقوة عند لطيفة؟
أنا إنسانة عربية قبل أن أكون فنانة، والأوضاع التي يحياها الوطن العربي فرضت هذا الهم السياسي فرضاً على معظمنا، ولو كانت الأمور أقل تعقيداً وأوضاعنا أفضل ربما وقتها كنّا استمتعنا بالغناء والطرب الذي لا يحمل هماً.

قدّمتِ المسرح السياسي في "حكم الرعيان".. فكيف أثّرت فيك التجربة؟
لا أعتبر أن "حكم الرعيان" مسرح سياسي مباشر بقدر ما هي مناقشة لجوهر فكرة الاستبداد. والعمل مع الرحابنة كان متعة خالصة، فهم مدرسة سياسية ووطنية بقدر ما هم مدرسة فنية فريدة على مستوى الوطن العربي.

وما هو الفرق بين تناولهم للأوضاع وتناول فنان مثل يوسف شاهين الذي دخلت مدرسته أيضاً؟
هناك فوارق عديدة في التكنيك والأداء، وهناك الفارق الطبيعي بين مسرح غنائي وفيلم سينما، لكن المدرستين تجمع بينهما الرؤية البانورامية العريضة والعميقة في الوقت ذاته.

حدثيني عن الساحة الغنائية وكيف ترينها؟

السياسة لم تأخذنا من الفن لأنها فن

لعلّك تعرف أنني لا أُقيّم زملاء على الساحة الفنية، لكن دعني أقُل بشكل عام: إن تعدّد المنافذ وانتشار القنوات الفضائية خلق حالة "ضخ" للأصوات الجديدة على تفاوت مستوياتها، وأصبح لدينا كل يوم مئة مطرب جديد.

أخذتنا السياسة من الفن، فلنعد إلى أحدث أعمالك وأعني به الألبوم الخليجي الذي انتهيت من تسجيل أغنياته؟
السياسة لم تأخذنا من الفن لأنها فن بينما الغناء سياسة في المقام الأول.. عموماً تجربة الألبوم الخليجي "أتحدّى" كانت أحد أكثر التجارب الفنية التي خضتها متعة وإرهاقاً في الوقت نفسه، وقد تعاونت فيه مع أسماء لها ثقلها في الخليج وكل منهم أعطاني شيئاً مميّزاً.

قدّمتِ قبل فترة أغنية إماراتية، فهل كانت جس نبض أم أنها فتحت أمامك أبواب الخليج غنائياً؟
علاقتي بالأغنية الخليجية كمستمعة ومتذوّقة قديمة، وأنا عاشقة لجمالياتها، وعندما جاء الوقت خضت المغامرة.